الجمعة، 11 ديسمبر 2015

هل حان وقت تحسين أوضاع زيارة النساء للمسجد النبوي؟!

سيدة تشيرالى الساتر الحاجب للتواصل البصري مع المقصورة الشريفة للسلام على النبي صلى الله عليه وسلم.

جدة: عمر المضواحي

عقدت الجمعية السعودية لعلوم العمران في محافظة جدة مؤخرا ورشة عمل خاصة لأعضائها لمناقشة دراسة علمية شارك في اعدادها الدكتور محمد إدريس وكيل معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة لتوفير بدائل هندسية تهدف الى زيادة الطاقة الاستيعابية أمام الواجهة النبوية والروضة الشريفة لزوار المسجد النبوي الشريف من الرجال فقط دون النساء.

حضر اللقاء الذي تم (مساء الخميس 12 نوفمبر الجاري 2015) في قاعة الاجتماعات بمقر (جمعية أثر للفنون) بجدة واستمر زهاء الساعتين نخبة من المهندسين والمعمارين أعضاء الجمعية من مختلف مدن المملكة. خلصوا الى وضع ملاحظاتهم ومرئياتهم حول البدائل المطروحة في الدراسة لمراجعتها وابداء ملاحظتهم عليها قبل رفعها في صورتها النهائية للجهات الرسمية.

صورة من لقاء جمعية العمران السعودية
كان لافتا في هذا اللقاء الهندسي الهام، الذي حضرته صحيفة مكة، طرح المهندس أنس محمد صالح صيرفي الذي طالب بتوسيع دائرة النقاش لتشمل تقديمه عرض يعالج ويناقش ويقترح حلول للجزئية الخاصة بزيارة النساء في المسجد النبوي الشريف.
وعدم قصر الدراسات الهندسية الخاصة بمشاريع تطوير وتوسعة الحرمين الشريفين على الرجال دون النظر بنفس القدر الى حاجات النساء ومطالباتهن في هذا الجانب من البناء القديم للمسجد النبوي.

مقترحات وحلول م. صيرفي لتحسين وضع زيارة النساء للروضة الشريفة

استعرض م. أنس صيرفي وهو رئيس مجلس إدارة شركة طيبة القابضة في عجالة تصورا هندسيا مبدئيا مدعوما بالخرائط التفصيلية والصور يتيح فسح المجال بشكل اكبر لزيارة النساء في شكل يتماشى مع الوضع القائم حاليا، ويحترم الاجراءات التنظيمية المعمول بها الآن في القسم المخصص لهن في المسجد النبوي الشريف.

مراقبة رسمية تنظم نساء يقفن دون حجاب فاصل أمام الواجهة الشريفة
وقال: كل من بلغ الآن العقد الخامس من العمر أو أكثر لابد وأنهم يعرفون أنه كان بإمكانهم حتى ثمانينات القرن الماضي اصطحاب نساءهم وبناتهم الى المسجد النبوي خلال الأوقات المخصصة للزيارات النسائية حيث كان مسموح لهن بالوصول الى المواجهة الرئيسية والوقوف أمام الكوكب الدُرّي مباشرة للسلام على النبي وصاحبيه كما هو الحال تماما للرجال في يومنا هذا. والصورة تظهر إحدى المشرفات الرسميات، وهي فيما يبدو تراقب تنظيم سلام حشود النساء بمحاذات المواجهة الغربية للمقصورة الشريفة.

فيما بعد، حصلت تحولات، وتم تخصيص الجانب الشرقي للمقصورة النبوية عند باب السيدة فاطمة الزهراء للنساء، وكن أيضا يستطعن الوصول الى باب السيدة عائشة عند المسافة بين عامود الحرس وعامود الوفود، وفي الوراء شمالا الى موقع أهل الصُفّة ودكة الأغوات ومحراب تهجد النبي القائم في هذا الجانب الشمالي للمقصورة، والمستور خلف رفوف المصاحف حاليا.

وضع ساتر ومساحة عزل عن المقصورة الشريفة
في الجهة الشمالية عند محراب التهجد ويلاحظ السجاد الأخضر
أضاف: بالطبع حصلت الآن تحولات جذرية في تنظيم زيارة النساء. حيث لم يتم منع السيدات من الوصول الى تلك المساحات بالكامل فحسب، بل وتحول الحال الى صدهن أيضا عن الإتصال بهذا الجانب بصريا من خلال وضع سواتر وحواجز مرتفعة ومزدوجة لتقف النساء من بعدها.

 وغلب على ظن المهندس أنس صيرفي أن سبب وضع هذا الحدّ للنساء عند الزيارة، حتى لا يقفن بمحاذاة القبر الشريف، بحيث يكون هنا آخر ما يسمح لهن بالوصول اليه ، تنفيذا لفتوى للشيخ ابن عثيمين وآخرين التي تقضي بتحريم زيارة النساء للقبور في المجمل. وبالتالي اتخذت كل الإجراءات والسبل لمنع زيارة النساء من الاقتراب لأي محاذاة للقبر الشريف ومن أي اتجاه كان متاح لهن سابقا شمالا وشرقا وغربا.

ويمضي المهندس صيرفي ليشرح ما يراه وفق معطيات واقع الحال القائم حاليا بأن هذه الحواجز الدائمة وفي الاتجاهات الثلاثة لا تحقق منع وصول النساء وحسب للزيارة، بل تفضي أيضا الى قطع احترازي لأي محاولة للطواف حول المقصورة الشريفة من الرجال والنساء على حدّ سواء.
وهو ما يفسر الآن سبب منع الرجال أيضا وعدم تمكينهم من الدخول الى هذا المكان عند باب السيدة فاطمة الزهراء، باستثناء الزيارات الرسمية الخاصة والنادرة ايضا. وهذا يعني أيضا، ان الوضع الحالي أخرج هذا الحيز بكامله من المسجد النبوي وعدم الاستفادة منه لا للصلاة ولا للزيارة والسلام على النبي . أضاف: علينا أن نتساءل ما هي الخطوة التالية لهذا العزل؟.

وضع النساء في الروضة حاليا عند مكبرية الآذان في المسجد النبوي
أجاب: المنطق يقول ــ بعيدا عن المخاوف المستحقة ــ أنه طالما حدثت هذه الخطوات، وتعود الناس على هذا الوضع رجالا ونساءً،فمتى سيتم فصل هذه الجوانب تماما بالبناء لا بالأقمشة!.الواقع الحالي يثبت أن هذا تغييرا واضحا لا لبس في فهم مقاصده النهائية، ويتم تثبيت وضعه خطوة تلو أخرى، بوتيرة هادئة على مدى سنوات، ولم تتم أبدا بشكل حاسم وفي وقت واحد. وهنا يجب أن يكون للمعماريين والمهندسين دورا هاما عند تقديم أي حلول هندسية لمعالجة هذه المخاوف المستندة على أسس ومعطيات ملموسة ومشاهدة. وأن تستجيب هذه الحلول لتعهدات مقام الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي بأنه لن يتم أي تغيير مضى عليه العمل سابقا.

 واستعرض المهندس انس صيرفي ثلاث لوحات تفصيلية توضح أولها الوضع الحالي لمسار زيارة النساء للروضة الشريفة (باللون الأحمر)، فيما توضح اللوحتان الأخريان مقترحين تقدم بها للحضور لمعالجة الوضع القائم للزيارة النسائية وتوسعة المساحة المخصصة لهن في الروضة الشريفة. وفق الوجه الشرعي المفروض اليوم.

وبديل ثان وفق ما تتسع له اراء شرعية اخرى  وقال: الحاجة الملحة الآن تحسين ظروف وانسيابية زيارة النساء قبل ذلك يجب الإشارة الى المعطيات التالية:

أولا: هناك قول فقهي معتبر يؤكد أن المكان الحالي المخصص لصلاة النساء لا يمت لحدود الروضة الشريفة المعتبرة، ما يعني أن النساء حاليا (ربما) لا يؤدون الصلاة في حدود الروضة الشريفة بحسب ما يعتقدون!.

ثانيا: إن المساحة المخصصة لصلاة النساء حاليا في الروضة الشريفة لا تزيد عن 20 × 20 متر مربع وهي أقل من ربع المساحة المخصصة للرجال الآن.ولا يمكن القبول والرضى لأهلنا وأخواتنا في الاسلام أن يوضعوا في هذه المعاناة والعنت والتعب الشديد، بدون وضع حلول تخفف من هذه المعاناة.

ثالثا: إن حشر النساء والتضييق عليهم في هذه المساحة الصغيرة، ينتج عنها تسابق وصياح وتدافع للحصول على موطئ قدم للصلاة فيه، وهو يخالف آداب المسجد النبوي المنصوص عليها في القرآن الكريم.

رابعا: إن مساحات الفراغات الفاصلة خلف الحواجز القائمة، هي في حقيقتها اصبحت مزدوجة لان موضع شباك المقصورة الحالي قد بني اصلا تاركا حيزا معتبرا من حد الروضة الملاصق للقبر الشريف، الى جانب الممرات المخصصة لدخول وخروج النساء تحتاج الى معالجة جديدة، تتيح إمكانية التوسع مع حفظ التحرز قدر الإمكان.

صورة لخريطة توضيحية لمعالجة م. انس صيرفي لزيارة النساء للمسجد النبوي

ثم بدأ م. صيرفي شرح رؤيته الهندسية لمعالجة الوضع القائم بقوله: الفكرة إن اضعف الايمان لو أبقينا الوضع القائم حاليا غرب المقصورة الشريفة وابقاء حواجز العزل وفواصل منع دخول النساء الى ناحية باب السيدة فاطمة الزهراء، فإنه يجب على الأقل أن نتوسع في مساحة الروضة الشريفة المخصصة للنساء في الجانب الشرقي المقابل.

مع إبقاء حاجز العزل بينهن وبين موقع الرجال، ومدها الى نهاية حدّ المسجد النبوي عند توسعة سيدنا عمر وافتحها جميعا أمام النساء للصلاة لفك الاختناق الحالي والتخفيف قليلا بتوسعة المكان (لاحظ حدود الخط الأحمر) في المقترح الأول والثاني ومقارنته بمخطط الوضع الحالي.

أضاف: إن هذان المقترحان يحققا جميع متطلبات الرئاسة. فلا مجال فيهما لوقوف النساء في المواجهة الرئيسية الشريفة كما كان جار به العمل فيما مضى، ولا يحقق لهن التقدم أيضا الى محاذاة القبر الشريف كي لا يحدث زيارة للنساء غير مشروعة حسب الفتوى، لكنه في المقابل يبق على كل ما عليه الوضع الحالي من تحرزات، مع توفير توسعة إضافية للمساحة المخصصة للنساء ويمكن من خلال البديل الثاني بإضافة الجزء الأعلى منها من تمكين النساء للصلاة داخل الحدّ الشرعي للروضة الشريفة.


(إطار 1)
حدود الروضة الشريفة

حدود الروضة الشريفة وفق الآراء الفقهية المعتبرة

يشير المهندس أنس صيرفي الى أن حدود الروضة الشريفة في القول الراجح انها "بين بيتي الى منبري روضة من رياض الجنة".فهنا بيت الرسول (حجرة السيدة عائشة) الذي دفن فيه، فآخر حدّ له هو نهاية الحجرة التي تضم المراقد الثلاثة.

وقال: لو أخذنا المحاذاة الى المنبر النبوي ستكون الروضة الشريفة هي هذه المساحة الموضحة (باللون الأخضر الداكن) في اللوحة. ولو توسعنا حسب الآراء الفقهية الأخرى فهناك قول أنه من الممكن أن يصل حدّ الروضة الشريفة الى الحدّ الثاني الموضح بلون أخضر متوسط الدرجة. وبالنظر اليوم الى السجاجيد الخضراء التي تميز حدود الروضة الشريفة عن باقي سجاد المسجد الأحمر اللون، تصل الى هذا الحدّ الثالث، ما يعني أن الرئاسة تأخذ بهذا الرأي لتحديد مساحة الروضة الشريفة وفق السجاد الأخضر.

بالطبع يجب هنا أن نعرف ان الجزء المحجوب (بين الشباك الغربي والجدار الغربي للقبر الشريف داخل المقصورة الشريفة)، هي جزء أصيل من مساحة الروضة الشريفة ولكن عندما تم بناء المقصورة (في زمن الظاهر بيبرس) اخرجت هذه المساحة من الروضة بالسياج والشبابيك الغربية حيث يصلى الناس اليوم.

أيضا، هناك أقوال أخرى تؤكد أن مساحة الروضة أوسع من ذلك، ولذا فسر الفقهاء سبب توسع عمر ابن الخطاب وعثمان بن عفان في جدار القبلة وتقدمه عن زيادة  عمر استنادا الى ان بيوت زوجات النبي كانت تصل الى الحدّ الذي توقفت عنده زيادة سيدنا عثمان بن عفان عندما بنى محرابه (الحالي والمنسوب إليه لا إلى بناء الدولة العثمانية خطأً) وجدار القبلة عندها من ناحية الجنوب.

وللتوضيح كانت آخر حجرة من حجرات أمهات المؤمنين هي حجرة السيدة حفصة بنت عمر ابن الخطاب، وهناك علامات له في أرضية الرخام، الى جانب وجود عامود صغير من البناء المجيدي خلف باب جبريل يحدد آخر حدّ لبيت السيدة حفصة.


لذلك قيل أن هذا الحدّ الذي وضعه الخليفة الراشد عثمان بن عفان هو حدّ وقفي للروضة الشريفة من ناحية الجنوب. وأنه لهذا السبب رفض أهل الاختصاص في المدينة أي امتداد لتوسعة المسجد النبوي جنوبا عن هذا الحدّ كونه حدا وقفيا لا يجوز تجاوزه بأي حال ماضيا وحاضرا ومستقبلا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شاكر ومقدر مروركم وتعليقكم