السبت، 28 سبتمبر 2013

هذا إمام قبلة الحرم الشريف.. وذاك سادن البيت العتيق

قفل الكعبة الجديد صعّب معنى الإنحياز في الشارع السعودي:
 

هذا إمام قبلة الحرم الشريف.. وذاك سادن البيت العتيق!

 

 
 
د. عبدالرحمن السديس مبتسما وهو يحمل القفل الجديد على أعتابها

جدة: عمر المضواحي
وقف د. عبد الرحمن السديس مبتسما على أعتاب باب الكعبة المشرفة، ليلتقط صورة تذكارية وبين يديه قفلا جديدا مطليا بالذهب الخالص وهو يهم بمعاينة مقاساته على باب الكعبة المشرفة!.
خلال ساعات من نشر الخبر والصورة المثيرة للجدل للرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، تجددت مشاعر الخوف والقلق في بيت كبير سدنة البيت العتيق.
كان السؤال الرئيس لماذا فعل السديس ما فعل؟!.. وهل حان الوقت لنزع ولاية حجاب الكعبة المشرفة من اسرة آل الشيبي المتولين سدانتها وخدمتها في الجاهلية قبل الإسلام عندما اخذوها بحقها خالدة تالدة بأمر من الله، وجبريل، والنبي محمد!.
تضاربت الأقوال بالتخرصات، وأختلط حابل الحق، بنابل الباطل. وبات الحديث على كل لسان في مجالس الرجال ومنتديات النساء، لتنتقل سريعا الى الحياة الإفتراضية ليشتعل الطائر الأزرق ورفيقه القديم فيس بوك، قبل أن يدخل حلبة الرهان مالئ الدنيا وشاغل الناس، في السعودية، الواتس آب!.
بدا للجميع أن قدس أقداسهم تحولت الى مسرح مفتوح، وأن القبلة التي يسجدون إليها تضرعا وخشية خمس مرات في اليوم والليلة، تفقد بعدها الروحي، لتصبح حكاية شعبية تلوكها الألسن والأفواه بخليط من المزاح والجدية!.
المؤكد أن ماء الحقيقة الراسخة عند كلّ الناس شابه هذه الايام كدرّا عكّر صفوه. فاشتعلت الأسئلة في هشيم أخضر ويابس، وكانت الإجابات، كالعادة، كسراب بذي قيعه يحسبه الظمآن ماءاً!.
الغاضبون بدأوا بالتلويح برايات الشك وسوء الظن. قالوا كيف لـ السديس أن يرتقي على أعتاب باب الكعبة المشرفة من دون أن يكون هو في معيّة حاجبها الأول، وحامل مفاتيحها، وكبير سدنتها كما جرت الأصول والتقاليد المرعيّة طوال التاريخ في الجاهلية والإسلام.
في المقابل حذر أصحاب الرأي وضبط النفس، من المضي قدما والوقوع في براثن وحبائل التأويلات الخاطئة. وقرءوا ما حدث أنها غلطة شاطر، ولا تعدوا كونها مجرد تصرف بريء وغير مقصود قطعا.
وذكّروا الجميع بأن الشيخ د. السديس قبل ان يكون رئيسا لشؤون الحرمين هو رأس أئمة وخطباء المسجد الحرام اليوم. وأنه أيضا أستاذا جامعيا في الشريعة والعلوم الإسلامية، وأن مثله لا يقع في خطأ واضح، من دون تبرير عنده يقبله العقل والمنطق، وتصدقه الجوارح!.
وبين جنة النفوس المطمئنة وجحيم أخرى أمارة بالسوء، كان الزحام على أعراف الحيّرة بين هؤلاء وأؤلئك. أغلبية ساحقة تقضمهم ضُروس التردّد، وتنهشهم أسنان الشكوك بلا رحمة وظلوا ينادون بلا  رجع صدى وهم يتساءلون: أين الحقيقة، وكيف نجوتم بلذة الإختيار؟.. هذا سادن الكعبة ووريثها الشرعي .. وذاك إمام محراب المسجد الحرام!.
 كان الآمرون بالسوء، يجيدون أدوار بزاقات النار والفتنة. نفثوا في كل مشرق ومغرب، حتى بدا لهم أن نارهم لم تبق ولم تذر أي سانحة لعقد هدنة او صلح. وشيع آخرون أن علاقة د. السديس بسادن الكعبة يشوبها شيء من خلاف غامض وغير معروف سببه وأسبابه.
وزعموا أن الخلاف أصيل حتى وإن لم يظهر علنا خلال اللقاءات المتكررة بينهما في المناسبات الرسمية.  وزادوا بصب مزيدا من الزيت بتأكيدهم أنه خلافا تطويه النفوس، ويظهره شعور ملموس بعدم ارتياح القلوب، مع حرص وحذر ودبلوماسية واضحة في التعامل بين الرجلين!.
الغريب، كان البحث عن الجواب في مقر الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، المليء بالفلاشات وحب الأضواء بعد رئيسها السابق الشيخ صالح الحصين رحمه الله، بات أشبه قليلا بالعنقاء والمستحيلات الثلاثة.
فقد ران صمت مطبق على أفواه جميع منسوبيها بعد نشر صورة رئيسهم العام المثيرة للجدل. وكان لقاء السادن الشيبي محفوفا بمكاره تحفظ أسرته القديم، وعزوفهم التقليدي عن الظهور في وسائل الإعلام.
في الأسبوع الماضي كان د. عبدالرحمن السديس مشاركا بورقة عمل في افتتاح جلسات مؤتمر كبير عقدته جامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض تحت عنوان (الوحدة الوطنية.. ثوابت وقيم) بمناسبة اليوم الوطني للسعودية.
بعد إنتهاء جلسة الإفتتاح إهتبل خالد الصالح الصحافي في جريدة الشرق فرصة سانحة، وباغت د. السديس بسؤال مباشر عن قضية القفل الجديد لباب الكعبة. لاحقا، أكد الصالح في تغريدة عبر حسابه في تويتر إن الرئيس العام للمسجد الحرام والمسجد النبوي إلتزم الصمت، ورفض الإجابة على سؤاله!.
في مكة كانت المحاولات مستمرة للحصول على إجابة. وبالكاد قبل مصدر يعمل في مقرها الرئيس بالتصريح عما يدور فيها شريطة عدم الكشف عن هويته. وقال إن ما يتردد في مكاتب مسئولي الرئاسة؛ أن سدنة الكعبة ليسوا على علم مسبق بالدراسة الخاصة بصناعة القفل الجديد فحسب، بل أيضا بالجولة الميدانية التي قام بها الرئيس العام لمعاينة قياسات القفل الجديد من خارج باب الكعبة.
وزاد: إن الجميع في الرئاسة يؤكدون في قول واحد، أن الرئيس العام لم يخطر في ذهنه قطّ فتح باب الكعبه لسبب بدهي؛ وهو أن مفتاح قفلها الحالي بحيازة كبير سدنة بيت الله الحرام الشيخ عبدالقادر الشيبي. وأن ما فعله الرئيس لا يعدو لقاء رسميا بالفريق العلمي، تبعها جولة تفقدية للمعاينة ميدانيا لا أقل ولا أكثر.
لكن السادن عبدالقادر الشيبي أنكر في تصريحات نشرتها (العرب) في عدد يوم الثلاثاء الفارط أي علم له، أو أي من أفراد أسرته، بهذا الخصوص. وأنهم جميعا فوجئوا بتصرف د. السديس، ووصفوه بالغريب والمستنكر من رجل في علمه ومنصبه.
خلال الأيام الماضية، بدأ رأس جبل جليد الإجابات بالذوبان شيئا فشيئا وعلى الجانبين معا. بالأمس خرج المتحدث الرسمي لرئاسة شؤون الحرمين أحمد المنصوري، بأول تصريح رسمي عن القضية. وبدأ بنفي صريح لما جاء في تقرير (العرب). وصرح لصحيفة البلاد: أنه لا نيّة لتغيير قفل باب الكعبة الحالي، وأن الرئيس العام أستعرض نموذجا أوليا لتصميم قفل "جديد" لباب الكعبة!. .
في المقابل وعد السادن الشيبي وسائل الإعلام والصحافة بربيع جديد يفتح فيه كل الصفحات القديمة، ويجيب على كل الأسئلة المعلقة. وقال لـ (العرب): تعبنا من الصمت، وحان وقت الكلام!.

 
الشيخ عبدالقادر بن طه الشيبي كبير سدنة بيت الله الحرام جالسا على باب الكعبة المشرفة
في إحدى المناسبات الرسمية. (صورة خاصة) 

هناك 15 تعليقًا:

  1. موضوع سيكون شيق، ساعات ويظهر للعلن

    ردحذف
  2. والله ما قدرت اكمل اقرى من الخط واللون

    ردحذف
    الردود
    1. أستعنت بصديق لتعديل الوضع. طمن عسى الآن أحسن؟

      حذف
  3. يا سلام يا سيد

    ردحذف
  4. أرجوك يا أستاز ممكن تنشر رابط الحوار في تويتر

    ردحذف
  5. خسارتك يا عمر، مكانك الصحف الإنجليزية، لكن قاتل الله سوء التعليم الذي لم يؤهلنا لتعلم اللغة الإنجليزية

    ردحذف
  6. ما شاء الله عليك يا عمر ، وكأني أقرأ رواية في فصلها الأول ! أسلوب رائع ، ويكفي مكيّتك الأروع .. وأرجو وأتمنى من جميع المكيين أن يخرجوا من صمتهم ويثبتوا على الحق ، ونعم الربيع المكي هذا ..

    ردحذف
  7. الردود
    1. أحبك الله سيد حسن. ممنون لكريم دعمك وإستحسانك جهد محبك المتواضع.

      حذف
  8. مقال رائع .. ولكن ينبغي التنبيه على عبارة ( الكعبة يسجد لها ) الصواب يسجد إليها .. ولكم التحية

    ردحذف
    الردود
    1. الله يعلم أنها ما قصدت، فكتبت خطأ، ثم عدلتها هنا، وصادف المدونة خلل فني بسيط لم يحفظ تعديل لها الى إليها. شكرا مولانا على التنبيه

      حذف
  9. ما كانت القصة لِتقال بأجمل مما قرأت للتو
    شُكراً لجهدك.. فهو يستحق عناء القراءة بلونه الفاتح!
    تحياتي =)
    رَنادْ

    ردحذف

شاكر ومقدر مروركم وتعليقكم