السبت، 27 ديسمبر 2014

وصف لمحيط مبنى المولد النبوي يناير 2014م ـ من قصة مسار الفتح


 
مبنى مكتبة مكة المكرمة (باللون الأصفر) وفي إحدى غرفه موقع مولد النبي صلى الله عليه وسلم

في قمة جبل خندمة كانت البلدوزرات تأكل في نهم واضح جسم صخوره. كان أنين الجبل وتوجعه حسيا لا تفهمه قوارض الحفارات ولا عمال الإزالة الذين يتناوبون عليها ليلا ونهارا لإنهاء مهمتهم العاجلة.

كان المشهد مهولا بمعنى الكلمة. ويعجز الناظر عن وصف نشاط وحركة الحفر والهدم الذي أزال والى الأبد الجزء الذي كانت فيه أول معالم ومرابع طفولة وصبا وحياة النبي محمد في مكة لأكثر من 53 عاما قبل هجرته صلى الله عليه وسلم الى المدينة المنورة.

صورة بانورامية لشعب بني هاشم في مكة 
لم يعد هناك شعاب بني هاشم حيث كانت بيوت النبي وآله وأصحابه السابقين في الإسلام. ولم يستطع خندمة بكل صلادة حجارته الجرانيتية الصمود أمام حفارات جائعة تقرض بأسنانها الفولاذية ذاكرة وذكرى المكان الذي تعطرّ بسيرة ومسار مكة النبوية.

تحول شعب بني هاشم الى فجوة صخرية عميقة ليربض في جوفه كسارة ومصنع لتجهيز وجبات الإسمنت الخرساني بحصوات جبل بدا أمام الجميع مستسلما لقدره المحتوم.

كانت عين الشمس تبدو غاضبة في كبد السماء، وبدا كل شيء بلا ظل حتى نادى مؤذن البيت العتيق الى صلاة الظهر. توقفت سحب عوادم الحفارات وتلاشى سواد فعلها وسط رياح خفيفة. وأنتظم بعض العمال والمشرفين في صفوف متناثرة للصلاة صوب الكعبة المشرفة تحت ظلال بلدوزراتهم!.

كان صدر الأفق يضيق بألسنة حديدية متشابكة للروافع والونشات تعمل ليل نهار في إعلاء أبراج وناطحات لتوفير مطلّ شاهق على الكعبة المشرفة. وبدا واضحا في بطن وادي إبراهيم تفاصيل توسعة الحرم المكي الجديدة وهي تتمدد في اتجاه فضاء تم تهيئته في جسم خندمة شمال شرق وادي إبراهيم الخليل.

لا تزال بضع بيوتات قديمة وآيلة للسقوط مأهولة للآن بعمالة باكستانية، وهي وطرقاتها غارقة بأكوام من المخلفات والعيون المتسائلة عن سبب وجود وجوه غريبة عن المكان!.

كانت عين الساعة في برجها العالي تراقب كل حركة وسكنة تجري تحتها في بطاح مكة. وبدا أن لا الأفق ولا صدور الناس اعتادت بعد ابتلاع وجودها الطاغي على كل شيء حولها.

في سفح كتف خندمة الغربي، كان يبدو مبنى من طابقين وحيدا خاليا من كل جوار إلا جوار الصفا والمروة على مسافة لا تزيد عن 455 مترا أمام الميلين الأخضرين في المسعى. هذا المبنى الذي بني بأمر من الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود رحمه الله يضم مكتبة مكة المكرمة، وفي إحدى غرفه يقع مكان ولادة السيدة آمنة بنت وهب بيتيم مكة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

حفارات وبلدوزرات تلتهم شعاب جبل خندمة في مكة

كان غبار الحفر وأتربة قصّ وإزالة صخور الجبل تعفّر وجه وحوائط المبنى التاريخي، وسارعت أمانة العاصمة المقدسة مؤخرا (2013م) بطلاء جدرانه الخارجية بلون أصفر جديد وغير ومعهود على المبنى المجلل دوما بحلل البياض. بدا لونه قريب الشبه من جلد البلدوزرات وهياكل الحفارات وأعناق الونشات المحيطة به من كل حدب وصوب.

كان اليقين الذي لم يخالج شك الجميع أن عيون وأسنان جحافل البلدوزرات تراقب المبنى من علو سفح خندمة. والمؤكد أنه لن يمض وقت طويل، وربما في غضون عام واحد، ليكون وجبتها القادمة استعدادا لإنشاء مباني ومصطبات بحسب مخططات توسعة الحرم المكي في الساحات الشمالية. وتلك قصة أخرى، يغلفها غموض مقصود!.


السلام عليك أيها النبي يوم ولدت ويوم تبعث حيا.

الخميس، 27 نوفمبر 2014

قصة السدود الأموية في مكة: إكتشاف سدّ أثري مندثر وسط تعديات في حي الغسالة

تعديات طالت سد الثقبة الأموي في حي الغسالة في مكة المكرمة
د. معراج مرزا يقف بجوار بقايا سد الثقبة الأموي

مكة المكرمة: عمر المضواحي

وقفت صحيفة مكة على تعدٍ جديد لحق بسدّ أموي أثري يعود الى القرن الأول الهجري، ولم يتبق منه الا بقايا يسيرة يمكن مشاهدتها الآن وهي تئن تحت أساسات مبان سكنية متعددة الطوابق في حي الغسالة شرق مكة المكرمة على طريق السيل الكبير المؤدي جنوبا الى مدينة الطائف.

وكشف الدكتور معراج بن نواب مرزا أستاذ الجغرافيا في جامعة ام القرى سابقا عن بقايا السد الأثري الذي يعرف بسد "الثقبة" أنشأه خالد بن عبدالله القسري والي مكة المكرمة ( بين عامي 86 هـ ـ 105هـ ) في عهد الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك بن مروان.

موقع سد الثقبة الأموي في حيّ الغسالة ـ صورة من غوغل إيرث

مبادرة معاد

رافقت صحيفة مكة د. معراج في جولة ميدانية استمرت خمس ساعات صباح يوم الأربعاء الماضي (19 نوفمبر 2014م) بعد جولة توثيقية سابقة مع فريق علمي من معهد أبحاث الحج والعمرة مبادرة "معاد" لتعزيز الهوية المكيّة يتقدمهم رئيس المبادرة د. فايز صالح جمال ود. محمد إدريس وكيل المعهد للدراسات، ود. عدنان الحارثي أستاذ التاريخ الحضاري في جامعة أم القرى للوقوف على بقايا سدّ الثقبة الاثري في حي الغسالة حاليا، الذي أنشأت على اطراف حجارته مبان سكنية حديثة، بعد كسره وإقامة طريق رئيس للسيارات يخترق الحيّ شمالا وجنوبا.

وقال د. مرزا: إن سدّ الثقبة يقع على مفيض شعب من الجهة الشمالية تحت جبل "ثبير غيناء" بامتداد يصل نحو 250 مترا وعرض السدّ مترين تقريبا شيد من حجارة ضخمة. وهو أحد سدّين أمويين اثنين كانا طوال اكثر من 1300 عام يحجزان سيول الأمطار وفيضانها على صدر وادي ابراهيم حماية لعدم إغراق بيت الله الحرام الذي يبعد نحو 5 كلم عن موقعهما.

المدخل الرئيسي الى حي الغسالة وبقايا السد الأثري موزعة بين قطعتي الأرض يمين ويسار الصورة

سدّ ضائع!

يقول د. معراج: أما السدّ الآخر فكان يقع عند نهاية شعب في الجهة الشمالية الشرقية للجبل الضخم قبل ان يندثر ويضيع أثره للأبد وسط تمدد الأحياء السكنية في تلك المنطقة. مشيرا الى أن السدّ الثاني ضاع أثره الآن بعد تعديات مماثلة. مؤكدا أنه كان في ناحية مقابلة وموازٍية لموقع بقايا سدّ الثقبة الحالي تحت جبل ثبير غيناء. وانه ربما يكون آخر من شاهد بقاياه قبل نحو أكثر من  30 سنة ، وقام بالالتقاط صورا فوتوغرافية له يحتفظ بها في مجموعته الخاصة.

وأوردت كتب تاريخ مكة، أن خالد القسري أقام بركة لحبس الماء في موقع خلف سدّ الثقبة وأجرى منها عينا الى الحرم المكي لتصب في نافورة مياه ما بين بئر زمزم ومقام إبراهيم عليه السلام داخل المسجد الحرام. لكن لم يشاهد أي اثر لهذه البركة خلال الجولة الميدانية.

وقال د. مرزا وهو استاذ زائر بمركز التحليلات الجغرافية في جامعة هارفارد الامريكية حاليا الى أن دولة الخلافة الأموية عرفت منذ تولي معاوية بن ابي سفيان مقاليد الخلافة في العام 58 هـ باهتمامها بإنشاء السدود والقنوات المائية في الجزيرة العربية، وخاصة في الطائف وطريق الهجرة وصولا الى المدينة المنورة.


لوحة هيئة السياحة والآثار على سدّ اوثال أحد السدود الأموية في مشعر مزدلفة

هيئة الآثار

أقامت الدولة الأموية خمسة سدود في مكة المكرمة لحماية المسجد الحرام والمشاعر المقدسة من فيضان السيول في مواسم الأمطار. اثنان على يد خالد القسري وقبله ثلاثة سدود على مفيض جبال مشعري منى ومزدلفة على يد الحجاج بن يوسف الثقفي بين عامي ( 73 هـ ـ 75 هـ) اثناء ولايته على مكة في زمن خلافة الوليد بن عبدالملك.

واشار د. معراج مرزا الى حماية سدين اثنين فقط من أصل السدود الأموية الخمسة بعد تدخل هيئة السياحة والآثار وفرض سياج حديدي حول بقاياهما القائمة حاليا في مزدلفة والآخر مقابل له في مشعر منى.

فريق معاد ومعهد أبحاث الحج على سد أوثال في مزدلفة
وايد د. معراج ضم صوته الى مطالبة مبادرة "معاد" بالحفاظ على هذا الموقع الاثري. وقال د. فايز صالح جمال لصحيفة مكة إن الأمل كبير في سرعة تدخل هيئة السياحة والآثار بإنقاذ ما تبقى من سدّ الثقبة في حي الغسالة، اسوة بما قامت به مشكورة في سدّي الحجاج بن يوسف الثقفي في مزدلفة والمعيصم، والعمل على ابتكار طرق للاستفادة منها كمواقع اثرية تعكس جانبا مهما من تاريخ وهوية مكة المكرمة.
وقال مصدر رفيع في أمانة العاصمة المقدسة لصحيفة مكة انه إذا تم توثيق موقع سدّ الثقبة الأموي ورفع إحداثياته، فإن امانة العاصمة ستساهم بالتعاون مع هيئة السياحة والآثار بحماية السدّ كموقع أثري مهم.

د. معراج مرزا يقف على السدّ بينما تتبدو حجارته المتساقطة بين النفايات
بالمشاهدة لا يمكن حاليا معرفة ارتفاع حائط السدّ الحجري بفعل الطمر والإهمال الذي تعرض له طوال السنوات الماضية بعد كسره. وتظهر بقاياه حاليا تحت حدود تلال جبلية في أقصى شمال قطعتي أرض واسعة ومسورة بحوائط مرتفعة وذات نمط متشابه ولكل قطعة ارض باب رئيس مفتوح على ضفتي الطريق المؤدي الى عمق الحيّ السكني.

كما يوجد طريق فرعي صغير وقصير خلف حمى السد ينتهي شرقا بمبنى سكني حديث، وفي الجهة الغربية  خلف السد اقيمت ملاحق مخصصة لمحلات ومستودعات تجارية، وتبدو أجزاء كثيرة من حجارته سقطت تحت بقايا السد بعد كسره، يغمرها نفايات وبقايا مواد بناء وأخشاب وحديد ومخلفات سكان الحيّ.

سدّ أوثال في مزدلفة

سد أوثال

قبل وصولنا الى جسر الملك خالد بن عبدالعزيز في مشعر منى نبه د. معراج الى تباين منسوب الطريق وبدا محدودب الشكل فيما يعرف جغرافيا بخط تقسيم الماء بحيث يصب جزء من السيل غربا في صدر وادي إبراهيم، فيما يصب الجزء الآخر وينساب في صدر وادي محسر الى مزدلفة شرقا.

ويقع أول السدود الأموية الثلاثة التي بناها الحجاج بن يوسف الثقفي في المزدلفة تحت أعالي سلسلة جبال مشرفة على وادي محسر عند حدود مشعر مزدلفة تفيض سيولها على وادي "الصدر" وهو رافد رئيس لوادي إبراهيم.

ويمكن مشاهدة السدّ المعروف بسدّ أوثال على يمين الصاعد الى مشعر مزدلفة تحت أحد مخازن المياه الاستراتيجية في مكة ( يتسع لنحو مليون متر مكعب ويكفى سقاية أهل مكة لخمسة أيام كاملة) ومسور بأسلاك وقضبان حديدية وضعتها هيئة السياحة والآثار حول السدّ كموقع أثري. وتنشط حوله الآن عمليات إزالة واسعة وقص لسفوح الجبال المحيطة لإنشاء مسطحات ضخمة تخصص كمواقف للحافلات في مواسم الحج القادمة.    

وبحسب كتاب السدود الأثرية بالجزيرة العربية وهو من تأليف د. ناصر الحارثي (رحمه الله) فإن هذا السدّ يعرف بـ "سدّ أوثال "وهو من السدود الثلاثة في مكة المكرمة التي بناها الحجاج بن يوسف الثقفي سنة ( 73 ــ 74هـ) في شمال المعيصم على طريق وادي العسيلة، ويصل طول السد الى حوالي (140) متراً ، وعرضه عند القمة (6) أمتار وواجهته مدرجة وجدار السد مقسم إلى خمس طبقات، ويشاهد على واجهة السدين الآخرين على يسار القادم من مكة كتابات إسلامية منقوشة على صخور السدين تعود للعصر الأموي".


سدّ الحجاج بن يوسف الثقفي تحت جبل الأحدب (ثبير النصع) في المعيصم بمشعر منى,

سدّ الحجّاج الثقفي

أما سدّ الحجاج الثاني، فقد ضاع وفقد أثره بعد أن تمت إزالته لإنشاء مباني مجازر المعيصم الآلية للمواشي في مشعر منى، ولم يبق له أي أثر اليوم. فيما تبدو بقايا سد الحَجّاج الثالث افضل حالا من سابقه، وهو يقع شرق مباني المجازر تحت جبل الأحدب (ثبير النصع) وهو مبنى من حجارة ضخمة يبلغ عرضه عند قمته نحو أربعة امتار تقريبا، ويخضع أيضا لحماية هيئة السياحة والآثار كموقع أثري دون الإشارة  ـ كسابقه ـ الى أي معلومات عن السدين في لوحتي الهيئة المقامة عندها.


وتجري تحت السدّ اليوم قناة خرسانية واسعة  لمشروع تصريف أمطار السيول مما يدل على أهمية هذه السدود الأموية في منع فيضان سيول الأمطار وحماية مواسم الحج من أخطارها على مخيمات الحجاج ولسلامة ضيوف الرحمن في منى ومزدلفة طوال العصور الماضية.


إطار 1



كسر سدّ الملك عبدالعزيز التاريخي في وادي جليل لإنشاء طريق الدائري الثالث!

يبدو أن مواقع السدود الأموية الثلاثة الباقية في مكة ربما أفضل حالا من مصير السدّ التاريخي الذي جدد بناءه بالخرسانة المسلحة في عهد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبد الرحمن آل سعود حيث باشرت امانة العاصمة المقدسة بكسر أحد شقي السدّ لتوسعة طريق محليّ قديم، وانشاء طريق واسع ضمن شبكة طرق الدائري الثالث الذي يربط نهاية شارع الجزائر (اللصوص سابقا) في حي العتيبية بالقرب من مخطط دغش القحطاني ليكون موازيا من الجهة الغربية لشارع الحج  ويخترق واد جليل وصولا الى جهة أسواق الدواس شرقا.

وادي جليل.. أحد فروع وادي فخ الي عبر منه النبي (ص) في فتح مكة.

ويشهد هذا الوادي التاريخي المعروف باسم وادي جليل الذي عبر منه النبي محمد صل الله عليه وسلم خلال فتح مكة في السنة الثامنة للهجرة، مصاعب جمة خلال مواسم الأمطار كونه وادٍ منخفض تتجمع فيه كميات كبيرة من مياه السيول، وتبدو آثار أمطار الأسبوع الماضي واضحة في عين المكان الذي تجري فيه ورشة عمل ضخمة لاستكمال المشاريع المقررة لهذه المنطقة.

وقال مصدر رفيع في أمانة العاصمة لـ صحيفة مكة إن العمليات الانشائية قائمة على قدم وساق لاستكمال إنشاء طريق يخدم مشروع شبكة طرق الدائري الثالث في مكة المكرمة في الموقع بعد انتفاء الحاجة للسدّ القديم.

مشيرا الى قيام أمانة العاصمة بتنفيذ مشروع تصريف مياه الامطار والسيول تحت الأرض من خلال عبارة خرسانية جديدة تمتد تحت مجرى السيول المنقولة والقادمة من سدّ "الهميجة" الذي تم تحويل سيول المعيصم إليه، لتنتهي العبارة الجديدة لتصريف المياه من جهة حيّ النواريّة في شمال مكة على طريق الهجرة الى المدينة المنورة.

بقايا أعمدة مشروع قديم لإنشاء جسر فوق السدّ التاريخي في وادي جليل.
وبالمشاهدة خلف بقايا الجانب الجنوبي من السد ترتفع عدة أعمدة خرسانية شاهقة على جانب واحد من الطريق، فيما يبدو أنها كانت لمخطط سابق إنشاء جسر عال يمر فوق السدّ القديم، قبل تعديل خطط المشروع وإقرار التخلص من السدّ لتنفيذ الطريق الذي سيساهم (رغم وقوعه في بطن الوادي) في تسهيل الحركة المرورية خصوصا في مواسم الحج المزدحمة.

وقال د. فايز صالح جمال رئيس مبادرة "معاد" لتعزيز الهوية المكيّة أنه تم إبلاغ المسؤولين في أمانة العاصمة المقدسة، بضرورة استحضار أهمية أي موقع تاريخي في مكة عند تقاطعها مع أي مشروع للتطوير، وتوفير البدائل الهندسية الممكنة التي تنفذ مشروع الطريق الدائري الثالث مع الحفاظ وبقاء المواقع النبوية والتاريخية فيها.

ونبه د. فايز أن مشروعات وادي جليل الذي يعد أحد فروع وادي فخّ الكبير كان ينبغي عليها مراعاة تاريخية الموقع، والمحافظة على جزء أصيل من المسار النبوي في فتح مكة، الى جانب أنه كان من الممكن معالجة وضع الطريق الجديد بشكل يحافظ على جسم السد التاريخي الذي يرتفع نحو 10 أمتار تقريبا وبعرض يتجاوز 300 متر تقريبا، من خلال فتح عبارات على شكل أقواس كافية لمرور السيارات في الطريق الجديد مع الحفاظ على شكل السدّ وانشاء مركز ثقافي على أحد جوانبه، بدلا من كسره وإزالة  نصفه وبقاء النصف الآخر مشوها كما هو الوضع القائم الآن.

سدّ وادي جليل بعد كسر وإزالة نصفه لتوسعة الطريق!.
وكان السدّ  التاريخي الذي يعرف محليا باسم سدّ "لقيطة" محل جدل وشد وجذب بين أهالي الأحياء المجاورة والجهات المختصة، في أهمية بقاءه بعد مزاعم بعدم الاستفادة منه، وطالب بعض الأهالي فرع وزارة النقل في مكة وأمانة العاصمة المقدسة بضرورة إزالة السدّ القديم لتنفيذ الطريق الحيوي والذي سيسهم في تحرير الحركة المرورية في شارع الحج أحد أكبر واهم الطرق الدائرية في العاصمة المقدسة بعد تنفيذ مشروع سد وادي لقيطة الجديد، وهو ما بدأ العمل به فعليا خلال جولة صحيفة مكة ظهر يوم الأربعاء الماضي.


الى لقاء..
مراسل صحيفة مكة عند سدّ الحجاج بن يوسف الثقفي في مشعر منى.

الأحد، 23 نوفمبر 2014

عن استقالته: عبدالرحمن الراشد.. فوق العاصفة!



مكة المكرمة : عمر المضواحي



بين ترشيحات تضعه كإسم محتمل لمنصب وزير الثقافة والإعلام الشاغر في وطنه، وبين تأكيدات أن الرجل قرر أن يلقى عصاه السحرية ويخلد الى الراحة بعد أن أتم أهم إنجازاته الإعلامية في صنع قناة فضائية إخبارية سعودية ووضعها على سدّة القنوات الإخبارية العربية، قررت إدارة قناة العربية قبول طلب استقالة مدير عام قناة العربية الأستاذ عبدالرحمن الراشد أمس وتعيينه فورا في مجلس إدارة مجموعة MBC بعد عشر سنوات كاملة وضع فيها اللبنات التأسيسية الأولى للقناة في العام 2004 م.

وكان آخر نشاط له مشاركته في طليعة الوفد الإعلامي المرافق للأمير سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع نيابة عن خادم الحرمين الشريفين في قمة قادة دول مجموعة الـ20  خلال اجتماع قمة العشرون الاقتصادية في مدينة بريزبن الاسترالية الأسبوع الماضي.

لم تكن هذه الإستقالة (المتوقعة منذ أشهر) هي الأولى لعبدالرحمن الراشد فقد سبق وأن تقدم بطلب مماثل ومفاجئ قبل نحو أربعة أعوام في 14 سبتمبر 2010م، وبعد نحو أقل من سنتين من تلميحه الصريح  في بروفايل صحافي لصالح صحيفة النيويورك تايمز والذي نشر في الخامس من يناير العام 2008 والذي كشف فيه يومها أنه "يتعرض لضغوط سياسية، لكنه لا يحب الحديث عنها". مؤكدا أن ذلك ترك تأثيرا عليه. وتوقع لمستقبله أمام تلك الضغوط خيارين لا ثالث لهما حددهما في إجابته على السؤال بقوله " إما أن يتم فصلي، فأنا أدوس على أصابع أقدام كثيرة، أو أن أغادر بنفسي يوما ما ... لقد تعبت"!.
  
"
عليك ان تتذكري ان التلفزيون هو الذي صنع شهرة بن لادن ـ وهو ما خلق القاعدة وقدرتها على الاستقطاب، وهكذا ينتشر العنف في المنطقة"

حين سؤل عن حياته الشخصية الزوجية ولم لم يتزوج، ضحك واستحضر اقتباسا من ياسر عرفات الذي قال يوما انه "تزوج القضية" واضاف :انا متزوج من الاعلام، هذه وظيفة تستمر 24 ساعة في اليوم ، 7 ايام في الاسبوع، انا فعليا لا حياة شخصية لي


يقول الراشد انه يتعرض لضغوط سياسية، لكنه لا يحب التحدث عنها. وفي العام الماضي تم منع عرض وثائقي عن الملك عبد الله بعد بث حلقة واحدة منه. يعلق: "لقد حصلت خلافات داخلية به، نأمل عرضه مستقبلا"

لكن الراشد يقول انه يتعرض لضغوط دائما وان ذلك ترك تأثيرا عليه

"
اما ان يتم فصلي، أنا أدوس على اصابع اقدام كثيرة -  او ان اغادر بنفسي يوما ما ... لقد تعبت" حين سؤل عن حياته الشخصية الزوجية ولم لم يتزوج، ضحك واستحضر اقتباسا من ياسر عرفات الذي قال يوما انه "تزوج القضية" واضاف :انا متزوج من الاعلام، هذه وظيفة تستمر 24 ساعة في اليوم ، 7 ايام في الاسبوع، انا فعليا لا حياة شخصية لي حين سؤل عن حياته الشخصية الزوجية ولم لم يتزوج، ضحك واستحضر اقتباسا من ياسر عرفات الذي قال يوما انه "تزوج القضية" واضاف :انا متزوج من الاعلام، هذه وظيفة تستمر 24 ساعة في اليوم ، 7 ايام في الاسبوع، انا فعليا لا حياة شخصية لي حين سؤل عن حياته الشخصية الزوجية ولم لم يتزوج، ضحك واستحضر اقتباسا من ياسر عرفات الذي قال يوما انه "تزوج القضية" واضاف :انا متزوج من الاعلام، هذه وظيفة تستمر 24 ساعة في اليوم ، 7 ايام في الاسبوع، انا فعليا لا حياة شخصية لي حين سؤل عن حياته الشخصية الزوجية ولم لم يتزوج، ضحك واستحضر اقتباسا من ياسر عرفات الذي قال يوما انه "تزوج القضية" واضاف :انا متزوج من الاعلام، هذه وظيفة تستمر 24 ساعة في اليوم ، 7 ايام في الاسبوع، انا فعليا لا حياة شخصية لي
ويجمع المراقبون الذين تحدثت اليهم صحيفة مكة مساء أمس، أن استقالة عبدالرحمن الراشد لم تكن مفاجئة هذه المرة، بل أنها كانت متوقعة على عكس استقالته الأولى العام 2010م. ففي المرة السابقة كتب استقالته ولم يكن هناك بديل له يقود سفينة القناة الى مرافئ النجاح ويحافظ على اسبقيتها، على العكس من هذه المرة التي تم فيها مباشرة وبمباركته تعيين نائبه الدكتور عادل الطريفي مديرا عاما جديدا للقناة خلفا له.

ويغلب على ظن كثير من المراقبين أن قرار استمرار مدير عام قناة العربية السابق وعدوله عن استقالته الأولى آتى أؤكله تماما، وأن القدر كان يخبئ له في عالم الغيب دورا جديدا ونجاحا حاسما بعد أقل من عام فقط. وعلى كل حال لم يكن لأحد أن يتخيل قطّ كيف سيكون مشهد الربيع العربي من دون وجه وبصمة عبدالرحمن الراشد!.

لقد كان الشخص المناسب وفي المكان المناسب أيضا، لقيادة كتيبته الثقيلة عدة وعتادا لمواجهة كل الأحداث الصعبة التي واكبت الربيع العربي. فلا ينكر أحد أن الحياة الإعلامية قبل أحداث الربيع العربي شيء، وبعدها شيء آخر ومختلفة تماما. وكان عبدالرحمن الراشد كعادته فارسا إعلاميا جاهزا على الدوام. ولم يعرف عنه من قبل أنه من أولئك الذين يطرحون سيوفهم ودروعهم وفي الأفق العربي نقع معركة قادمة، مهدت لها تطورات سياسية غير واضحة المعالم ولم يعرف خير من شرها غلا بعد أن اشعل بوعزيزي تونس فتيل الربيع المتفجر.

وبالفعل، وجد الرجل أن راحته هذه المرة ستكون على صهوة القناة، ومبارزة أندادها في فضاء لا يتسع من المحيط الى الخليج فحسب بل والى أرجاء العالم كله. واصل الليل بالنهار بلا تعب ولا نصب وهو يبحث عن نقاط الضعف في صفوف خصومه ليوجه لهم ضرباته القاضية. ومضي طوال 3 سنوات حتى يوم أمس، وهو يخوض واحدة من اشرس المعارك الإعلامية والسياسية في حياته المهنية.

وأصبح بفضله وجهده ومثابرته لـ "العربية" دورا أكبر وبكثير من مجرد فضائية إخبارية عربية في داعيات وتطورات الربيع العربي. واستطاع ان يبلي  بلاء حسنا وبحرفية عالية جعلت من قناته القوية صوتا مؤثرا في قناعات قطاع واسع من الرأي العام العربي والدولي.

من المؤكد أن عبدالرحمن الراشد لن يبتعد كثيرا عن دهاليز مهنته ومعشوقته الأولى الصحافة. فالرجل لازال في عقده السادس ويتمتع بصحة جيدة، ولابد من ان يضع بصماته السحرية في جميع قنوات أكبر مجموعة إعلامية عربية بعد تعيينه عضوا في مجلس إدارتها امس.

ولا يمكن أن يتصور أحد أنه بعد كل هذه الخبرات والتجارب الناجحة خلال اربعة عقود من الزمن جعلت من عبدالرحمن الراشد أحد اهم قادة الإعلام السعودي في الخارج. ولا يمكن التفريط بهذا الصوت المؤثر في الراي السياسي العالمي حتى وإن رغب بذلك.

 حاولت صحيفة مكة الإتصال به في مقر إقامته حاليا في لندن لتعرف منه الحكاية. كان خط هاتفه النقال مشغولا على الدوام. يبدو أنه إستمرأ تحريك الزوابع حول قرار إستقالته الأخيرة والنهائية، وفضل أن يرتفع فوق العاصفة ليقرأ صحيفة المساء في مقهاه المفضل جالسا في مزاج رائق واضعا قدم على الأخرى، بوجه معجون بماء الرضا والبراءة. يتنفس هدوءا، ويزفر تهذيبا، وعلى محياه دوما ابتسامة طفل شقي!.


مادة ذات صلة:



الاثنين، 17 نوفمبر 2014

بركان عكيشية مكة حريق لغاز الميثان في مردم نفايات سابق!


مكة المكرمة: عمر المضواحي


تناقل أهالي مكة المكرمة بقلق كبير أمس الأول مقاطع مصورة انتشرت عبر وسيلة التراسل الفوري "واتس آب" عن تشققات ارضية تتصاعد منها أبخرة ساخنة في ضاحية العكيشية جنوب مكة المكرمة، معلنين تخوفهم عما إذا كانت هذه الظاهرة الغريبة ربما مقدمة لبركان أو زلزال محتمل في المنطقة.

وأفاد خبير الأرصاد والبيئة حسن عبدالشكور لصحيفة مكة عن الظاهرة  بعد مشاهدته لمقطع مصور ومنتشر عبر وسيلة التراسل الفوري "واتس آب" بقوله: أرجح أن سبب هذه التشققات والأبخرة الساخنة ناتجة فعلا من تسريب لغاز الميثان من مردم قديم تابع لأمانة العاصمة في المنطقة، وهذا الغاز كما هو معروف سريع الاشتعال".

ونبه عبدالشكور وهو مدير المركز الإقليمي للأرصاد والبيئة في منطقة مكة المكرمة سابقا الى أنه " لابد من سرعة اتخاذ تدابير السامة البيئية فورا، وإجراء استقصاء عن حالة مرادم النفايات في العاصمة المقدسة والحدّ من اخطارها المتوقعة".
مشيرا الى أن "الخوف أن تسربات غاز الميثان بهذه الطريقة قد تكون مؤشرا على وجود تسريبات لسوائل ناتجة من عصارة المردم القديم مما يتسبب في تلوث المياه الجوفية و هنا الخطورة في الأمر".

وأعاد عبدالشكور الى الذاكرة أحداث حرائق مشابهة وقعت قبل سنوات قليلة في كل من مناطق ردم النفايات العضوية وغير العضوية  في مدينة الطائف، ومدينة جدة قبل معالجتها لاحقا".

من جهته أفاد خبير جيولوجي حول هذه الحادثة بقوله " الشكل العام للموقع يشير إلى أنه مرمى نفايات قديم". وأضاف "في الغالب هذه ظاهرة تحدث في مرامي النفايات القديمة (عشوائية دون تصاميم هندسية) مالم يكن هنالك سبب جيولوجي ناتج عن وجود صهارة صخرية قريبة من سطح الأرض".

 وأستدرك بقوله "لكن هذا الأمر يصاحبه عادة حدوث هزات أرضية في الموقع والمناطق المحيطة به عبر الصدوع المؤثرة في المنطقة إضافة إلى نشوء ظواهر اخرى مصاحبة.


وأكد الخبير الجيولوجي الذي فضل عدم الكشف عن هويته إن الموقع بحاجة إلى تقويم علمي للبحث عن الشواهد والظواهر الطبيعية الأخرى وأخذ عينات من الموقع وعمل مسح جيوفيزيائي للمنطقة بكاملها".

مقطع فيديو 1


مقطع فيديو 2