الأربعاء، 3 سبتمبر 2014

مشروع المصطبات الشرقية لتوسعة الحرم المكي.. هل تهدد موقع ولادة النبي؟!


مخطط المصطبات الشرقية حيث موقع المولد النبوي الشريف ومعالجة مبادرة معاد للتصميم بالعمارة المكيّة 
المصطبات الشمالية لتوسعة المسجد الحرام بعد معالجتها وتطعيمها بتفاصيل العمارة المكية



مكة المكرمة: عمر المضواحي

قبل أيام، خمدت ألسنة النار التي نشبت في جزء من ورشة أعمال تنفيذ المصطبات الشمالية لتوسعة المسجد الحرام، وهي ثاني حادثة في غضون شهر، لكن التساؤلات حول هذا المشروع الذي قدم نموذجا قائما في جواز قص ونسف الجبال الشوامخ حول البيت العتيق، تبقى معلقة بلا أجوبة، حول تأثيرها ومدى تجاوبها مستقبلا مع احترام ما بقي من الأمكنة النبوية والتاريخية حول مناطق التوسعة والتطوير.

بدأت حكاية مصطبات الساحات الشمالية كمكوّن مكمل لمشروع الساحات، بمساحة كلية تبلغ 56660 م2 لتمهيد الوصول إلى مبنى التوسعة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للمسجد الحرام الشريف في الجهة الشمالية للمسجد الحرام (حي الشامية).

وستستوعب ساحات وأسطح المصطبات الشمالية وحدها نحو (187500مصل إضافي تقريبا) للمسجد الحرام، في شكل مريح وآمن يضمن أفضل شروط ممكنة لأداء العبادة في يسر وسلامة وفخامة ممكنة. فقد وقع اختيار المصممين على النمط الدائري اقتباسا من حركة دوران الطواف حول الكعبة المشرفة.

وكان هذا النمط من التصميم محل تفكر وتدبر كثيرين، كونه يؤسس لمنظور مستقبلي لعمارة المسجد الحرام، حيث تقع أكثر التخوفات على إكمال الشكل الدائري حول الحرم، مما يستوجب مسح الجهة الشرقية بما تضم من مكونات رئيسة في تاريخية وهوية مكة المكرمة. فهناك جبل أبي قبيس أول جبال الأرض، وموقع شعب بني هاشم، وما يضمه من مواقع حساسة منها موقع مولد وحياة النبي صلى الله عليه وسلم في مكة، وبقية المعالم التاريخية المشهورة، والثابتة يقينا لا شك فيه.

وفي الوقت الذي أخضع جبلي قيقعان والكعبة، لضروس وأنياب الحفارات والبلدوزرات، لتهيئة المصطبات الشمالية للمشروع، بدأت مجموعة بن لادن السعودية مقاول مشروع التوسعة بتنفيذ قوس جديد للدائرة المقترحة في الاتجاه الشرقي فعلا، لتلتهم جزءا وافرا من جبل خندمة. مما زاد حجم التخوفات، على مصير شعب بني هاشم وموقع المولد النبوي رمانة ميزان تاريخ مكة في الإسلام.

عند معالجة المادة وتهيئتها للنشر، تمنع خبير هندسي عن المشاركة. وأعلن صراحة في قوله: " والله، إني أجد حرجا في المشاركة بهذا الموضوع، وقد أستقر التصميم وشارف على الانتهاء في شكله الأصلي. الحديث هنا يصبح لا معنى له".
وهنا تبدأ القصة:

 
صورة لمبنى المولد النبوي (باللون الأصفر) والبلدوزرات والحفارات تمهد المصطبات الشرقية لشعب بني هاشم (الصورة في ديسمبر 2013) 

د. فايز صالح جمال
لا حاضر بلا ماضي

أكد د. فايز صالح جمال رئيس مبادرة معاد لتعزيز الهوية المكية، طرح مبادرة خاصة بتدارك الملاحظات التي حسبت على تصاميم المصطبات في الساحتين الشمالية والشرقية للمسجد الحرام قبل أكثر من عام على المسئولين في أمارة مكة المكرمة ومجموعة بن لادن السعودية وغيرها من الجهات الرسمية والأهلية.

وقال: إن المبادرة بحماية الآثار تعزز أهم و أحدث المفاهيم في تنمية و تطوير المدن مثل مفهوم التنمية المستدامة، وذلك من خلال حماية تراث المدن و المحافظة عليه و الاعتزاز به. و تعزيز الهوية و بناء الشخصية المكية، و التعلم و تنمية المعرفة لدى أهل مكة و زوارها. و بالتالي، تحفيز السعي لتحقيق مفاهيم تشكل قفزات نوعية تحافظ على الماضي التليد و تواكب الحاضر الزاهر و تتطلع المستقبل المشرق. مثل تطبيق مفهوم المدن الخضراء و المدن الذكية بطريقة غير مسبوقة تتناسب مع خصوصية المكان و المكانة.

لذا فمن الواجب أن تتجاوز أهداف مشاريع التنمية في مكة المكرمة الجانب المادي إلى الجوانب البيئية و الروحية و الاجتماعية ، بما يجعل من البيئة المكية بيئة تصطبغ بشكل فعلي و عملي بالمفاهيم العامة للإسلام كنظام حياة متكامل. يؤثر في حياة الفرد و سلوكياته و أخلاقياته. بحيث تصبح تلك البيئة تجربة عملية تؤثر و تطبع شخصية كل من يعيش أو يمر على هذه البقاع المقدسة (ساكنا أو مقيما أو زائراً) و تحوله إلى ممارس للأخلاق والسلوكيات الإسلامية على كافة الأصعدة الحياتية و الروحية.
خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز خلال اطلاعه على تصاميم التوسعة التاريخية  للمسجد الحرام في رمضان 1432هـ (نت)
 

د. سمير أحمد برقة
رؤية الملك
ويكشف السيد د. سمير بن أحمد برقة عضو مبادرة معاد والخبير في المعالم النبوية والتاريخية إلى أن موضوع المصاطب الشرقية لم تكن ضمن رؤية الملك لموضوع التوسعة. مشيرا إلى أن مجموعة معاد سبق وأن اجتمعت مع مجموعة بن لادن قبل نحو 15 شهر لم تكن فكرة المصاطب الشرقية قد تبلورت بعد، ونخشى من إقامة هذه المصاطب في هذه الجهة (الشرقية) تحديدا خشية أن تزيل معالم التاريخ والجغرافيا التي تشكلت عبر التاريخ.

مشيرا إلى أن هذه المنطقة فيها مكان مولد الرسول سيدنا محمد عليه الصلاة السلام وهو اليوم مكتبة مكة المكرمة وكذلك تعتبر هذه المنطقة مهمة في تاريخ سرد السيرة النبوية ففيها ولادة وحياة وتربية سيدنا محمد وفيها تم حصار بني هاشم، ونخشى من إقامة مصاطب مكانها وهذا سيسبب صداعا عالميا وإسلاميا بلادنا في غنى عنه.
وخلص د. برقة إلى القول: إننا في مبادرة معاد نرى أن يكتفى بالمصاطب الشمالية وإذا كان ولابد منها في الجهة الشرقية، فالأمل أن لا تتمدد هذه المصاطب إلى داخل شعب بني هاشم ويجب أن يتم المحافظة على المكان كموقع له مكانته لاسيما وأن مشروع الملك عبدالله للتراث الحضاري ينصّ على ضرورة المحافظة على مواقع التاريخ الإسلامي.

كما نطالب بضرورة إزالة الحمامات القريبة من المروة لقربها من بيت السيدة خديجة البيت الذي عاش فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم 28 سنة وإزالة هذه المرافق ستخفف الضغط، واتهام بلادنا جورا، بأنها لا تهتم بالعناية بالآثار النبوية في أم القرى.



الماكيت الشامل للتوسعة قبل إضافة الساحات والمصطبات الشمالية والشرقية في المشروع.

م. مستشار جمال شقدار

تذويب الهوية

م. مستشار جمال يوسف شقدار مدير عام التخطيط والدراسات في هيئة تطوير مكة المكرمة والمشاعر المقدسة رصد ملاحظات على تصاميم مشروع تطوير مصاطب الساحات الشمالية للحرم المكي الشريف لخصها في قوله: "مع تقديرنا لاجتهاد فريق وزارة التعليم العالي وزملاؤهم المساهمون في التصاميم الحالية لمصاطب الساحات الشمالية التي غلبت عليها "الروح النمطية المعمارية" فأصبحت "رتيبة" الشكل والمضمون ولا تكاد تمت بصلة للطابع المعماري المكي".

أضاف: قد تكون مشاركة جهات ذات العلاقة بإعادة الهوية المكية مثل هيئة تطوير مكة المكرمة والمشاعر المقدسة وأمانة العاصمة المقدسة ومجموعة "معاد" في عملية تصميم المصاطب دور مهم في تعزيز الهوية العمرانية لمكة المكرمة، ولنؤكد للعالم أجمع أن المسئولين عن الحرم المكي الشريف ومكة المكرمة بلد الله الحرام قادرون وجادون في الحفاظ على تراثها العمراني وعودة الروحانية والطمأنينة لجنباتها".

ويؤكد م. شقدار وهو عضو في مبادرة "معاد" إن مواليد الستينات ميلادية كانوا هم آخر جيل تذوق "الهوية المكية" بمجالاتها الاجتماعية والفنية والعمرانية والبيئي. فرائحة زهور "شجرة النيم" العطرة التي اختفت اليوم من طرقات مكة كانت ترجع لهم ذكريات فصول الربيع المكي، و "الرواشين" التي كانت بمثابة برج مراقبة للأمهات يتابعن من خلالها تفاصيل الحياة اليومية اختفت أيضاً وأصبحت في "خبر كان".
وقال: للأسف اليوم اختفت غالب مفردات "الهوية المكية" من المجتمع ، وأصبحت صورتها الذهنية بعيدة عن شباب مكة وشاباتها وهم بعيدون عنها، وبالكاد يعرف أحدهم شيئاً عن حارات مكة القديمة التي تمت إزالتها تماما لصالح توسعة الحرم المكي وساحاته والمشروعات المحيطة به.
ومن هنا جاءت فكرة مشروع "مبادرة معاد" لتطوير "مصاطب الساحات الشمالية" للحرم المكي الشريف لتأخذ "صبغة" الهوية المكية وحتى تعيد مسميات الحارات القديمة وتكسبها بعض خصائصها العمرانية والخدمية التجارية والبيئية التي اشتهرت بها قديما .. بل وإعادة مفرداتها المعمارية المكية مثل "الرواشين" لتزدان بها واجهات المصاطب و"الشوابير" لتكون جزء من سترة الأسطح المخصصة كمصليات مفتوحة يتابع فيها الأهالي والزوار صلواتهم خلف إمام الحرم المكي الشريف.

وبجعل المرافق والخدمات التجارية والإدارية في المصاطب تحاكي بتنوعها وبأسلوب تصميمها نماذج الحارات المكية القديمة نكون قد عززنا بعض مفردات الهوية المكية للمنطقة المحيطة بالحرم المكي الشريف في الشكل والمضمون من خلال تنفيذ مشروع "مبادرة معاد لتطوير مصاطب الساحات الشمالية" ..
وسيكون مجرد تجول الزوار والأهالي في حارات مكة الجديدة / القديمة ضمن مصاطب الساحات الشمالية للحرم، وهم متمتعين بشذى زهور أشجار النيم المكية المغروسة في جنباتها. إن مجرد هذا التجوال سيكون إحياء للهوية المكية "المفقودة" في النفوس وإعادة لها بقوة وبمنهجية التنمية العمرانية المستدامة.

الجزء الأعلى تصاميم مجموعة بن لادن وتحت معالجة مبادرة معاد له بتفاصيل من العمارة المكية
 
م. أنس محمد صالح صيرفي
 
الشرق روحانية مكة!

من جهته قال المهندس أنس محمد صالح صيرفي رئيس مجلس إدارة مكتب الأبنية للاستشارات الهندسية في جدة: "الساحات الشرقية للمسجد الحرام وبما تضم معالم نبوية وتاريخية تعد هي الأكثر ثراء من بين الجهات الأخرى وشهدت جوانبها محور حياة رسولنا الأعظم بدأ بمولده الشريف وإقامته بدار السيدة خديجة بنت خويلد الذي انتقل إليه بعد زواجه منها، ومكان مولد السيدة فاطمة الزهراء فيها، وموطن ديار بني هاشم في الشعب الذي عرف باسمهم وشهد حصار قريش لهم فيه.

وكذلك الشارع الأعظم المعروف بمسيل وادي إبراهيم الذي شهد خطى الرسول صلى الله عليه وسلم إلى غار حراء حتى نزول سيدنا جبريل عليه بالنبوة والقران وهو طريق دخوله إلى مكة يوم الفتح وحمل لوائه وفيه غز رايته وعلى ترابه الطاهر خط طريقه للباب الذي يحمل اسمه بالمسجد الحرام".

وزاد: كل هذه المعالم والتاريخ الحافل بالأحداث والوعي المتصاعد نحو المحافظة على تراث المنطقة الحضاري يحتم التعامل الخاص معها. وبخاصة وهي تشهد اليوم مشروع توسعة الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحرم المكي والساحات المحيطة به وحزمة من مشاريع النقل والخدمات العامة فالأمل في أن لا تفقد منطقة الساحات والمصطات الشرقية هويتها التاريخية في خضم تلك التوسعات والمشاريع التنموية بل هي فرصة للإبداع في المواءمة بينهما".

وقال: "أتمنى أن يؤخذ كنموذج لما يمكن أن يتم تطوير المناطق المنزوعة التالية للمصاطب الحالية أو الساحات الشرقية التي شرع للتو في تصميمها وبخاصة أن منطقتها تعتبر شعب بني هاشم الذي ولد وعاش فيه رسولنا الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم  وتجسيد حدوده وإعطاءه نمطا عمرانيا يميزه ويحفظ تاريخه ومعالمه، وقد يكون له صدى أكبر".

مساحات المصطبات وقياساتها كما بدت في المخطط الشامل لتطوير المنطقة الشمالية والشرقية
 
قيم مضافة للمشروع
وكشف المهندس صيرفي أن مكتبه ساهم مع مجموعة مبادرة معاد لتعزيز الهوية المكية، بطرح عدد من الأفكار واقتراح الحلول الكفيلة بالجمع بينهما. وبين بقوله "تشرف مكتب الأبنية للاستشارات الهندسية بترجمتها وعرضها عبر مشاريع عمرانية تستوعب الجديد وتحافظ على القديم وقابلة للتنفيذ".

وحول الرؤية التي سعى مكتب الأبنية إلى تحقيقها من خلال التعديلات المقترحة على التصميم الأصلي الخاص بمصطبات الساحات الشرقية للتوسعة كقيم مضافة مع مراعاتها للتصاميم الرئيسة التي وضعها منفذ المشروع، قال: "هي في أساسها تنطلق من مبدأ أرساه المغفور له بإذن الله الملك فيصل بن عبدالعزيز عندما أمر بالمحافظة على الرواق القديم للحرم وأبوابه التاريخية كبابي السلام والصفا، وما أكد عليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حين اعتماده حفظه الله لمشروع التوسعة وتوجيهه الكريم بالمحافظة على الروحانية والتي نراها في مبادرة معاد، كلمة جامعة لا تتوقف عند الأماكن والأسماء بل تتعداها إلى أسلوب التعامل في شتى مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والعمرانية والتي تشكل هوية مكة التي تنفرد بها على مرّ السنين".

أضاف: تأتي أهمية إعطاء هذا القطاع من التوسعة سمة خاصة لتعكس العمق التاريخي للمنطقة ولتجنب التكرار والتماثل في الشكل مع قطاعات التوسعة بعضها مع البعض الآخر فتسهل الاستدلال في تنظيم حركة الحشود من وإلى الحرم عبر تنوع الأشكال والمعالم البارزة التي يمكن من خلالها أيضا استعادة أنماط من مفردات العمارة المكية الأصيلة المعروفة و مآذن الحرم بتصاميمها القديمة الفريدة واستعادة روح الحارات المكية الراسخة في الذاكرة المكية وتعويضها بإطلاق مسميات الأحياء العتيقة على أجزاء من المصطبات وإحياء أشكال الأبواب و المنائر القديمة ودمجها في الرؤية الجديدة للمصطبات الساحة الشرقية.

وأكد م. أنس صيرفي أن إعادة تشكيل كتل المصاطب بحيث تأخذ تكوين شعب بني هاشم التاريخي في الاعتبار، سيسهم ليس فقط في المحافظة على معالم الشعب التاريخي ولكن في كسر الشكل النمطي الهندسي الدائري للتوسعة والاقتراب أكثر وأكثر إلى الهوية العمرانية المتناغمة في شكلها العام رغم التنوع والاختلاف على مستوى التفاصيل بخلاف التصميم المعتمد ونكون بهذا حافظنا على الوظيفة المستهدفة للمشروع مع إخراجها في صيغة تضيف لها بعدا تاريخيا يعكس روحانية المكان ويستعيد عبق ذكرياته الجميلة.
 
إطار 1

د. عبدالوهاب أبو سليمان يقدم رؤية شرعية لتطوير موقع المولد النبوي

كتاب مكتبة مكة قديما وحديثا

أ. د عبدالوهاب أبو سليمان عضو هيئة كبار العلماء

 
لا يمكن فهم استلام مجموعة بن لادن السعودية لموقع مكة النبوية (شعب بني هاشم) الذي عاش فيه النبي محمد صلى الله عليه وسلم 53 عاما قبل هجرته إلى المدينة النبوية لتعمل فيها مشاريع (المصطبات والساحات الشرقية) لا تقوم على احترام تاريخية المكان وأهميته في السيرة النبوية الشريفة، بل عمدت إلى تغيير جغرافيته بقص الشعاب وإزالة كلّ ما عليها من مواقع نبوية وتاريخية من دون وجود لجنة شرعية وعلمية متخصصة، تشرف على أعمال تنفيذ هذه المشروعات التطويرية، من دون سلخ تاريخها والتعامل معها بما يليق من عناية واهتمام ورعاية.
وفي غياب مثل هذه اللجنة الشرعية والعلمية، لا يمكن افتراض أن مجموعة بن لادن السعودية بما فيها من خبراء ومخططين ومهندسين لم يطلعوا قطّ على كتاب شهير وفريد في بابه طبع في العام 1416 هـ تحت عنوان (مكتبة مكة المكرمة قديما وحديثا، دراسة موجزة لموقعها وتاريخيها وأدواتها ومجموعاتها) وأعيد طبعه في العام 2012م الذي وضع فيه خاتمة ضافية تبين رؤيته ومقترحات تخص تطوير مكتبة مكة المكرمة.
يقول العلامة د. عبدالوهاب بن إبراهيم أبو سليمان عضو هيئة كبار العلماء مؤلف الكتاب إن دواعي طباعته مرة أخرى جاء استجابة لإلحاح المتعطشين إلى معرفة تاريخ هذا المكان المبارك ماضيا، وما عليه حاضرا، وما يخطط له مستقبلا في خضم التغيير الشامل لمكة القديمة.
مضيفا: أنه تم تطوير هذه المنطقة بعد توسعة الحرم الشريف الأولى عام 1375هـ حيث كانت البداية، ثم تبع ذلك تطورات، وتغييرات لتخطيط المنطقة بصورة كلية، أجهز على المتبقي من القديم منها عام 1416هـ ، وما بعده فقد شاهدت السنون بعد هذا تغييرا شاملا لهذه المنطقة التي تعتبر المنطقة التاريخية الإسلامية الأولى؛ فمن ثم أصبح من الواجب وصف محيط المكان في وضعه السابق، والحالي، وتزويده بالخرائط، والصور ما أمكن، حتى لا تلتبس المعالم التاريخية على الأجيال القادمة في خضم هذا التغيير الذي تشهده مكة المكرمة عموما.
وشدد العلامة أبا سليمان في مقدمة الطبعة الثانية للكتاب على القول "أما مستقبل هذا المكان التاريخي الشريف في خضم هذا التغيير الواسع للمنطقة فإن الأمل معقود بالله عز وجل، ثم بولاة أمر هذه البلاد الإبقاء عليه أثرا خالدا، تعيه الأجيال القادمة للوقوف على بداية تاريخ الرسالة المحمدية، وجعله منارة علمية معرفية تتناسب وتاريخ بداياته العظيمة، كما حافظ عليه سلف الأمة؛ حيث يأتي الملك عبدالعزيز آل سعود رحمه الله في السلسلة المباركة لولاة مكة المكرمة الذين حافظوا عليه أثرا إسلاميا خالدا".
وأفرد العلامة أبو سليمان خاتمة جديدة ألحقها للطبعة الثانية (2012م) لخص فيها رؤيته لضرورة المحافظة على الموقع استعرضها في إحدى وعشرين سببا ضافيا. محذرا من أنه ليس من الحكمة إزالة مكان ولادة النبي صلى الله عليه وسلم، فإزالته إزالة لأعظم الشواهد التاريخ الإسلامي، وجرح لمشاعر المسلمين قاطبة، وإثارة بلبلة فكرية بين جموع المسلمين، وسيكون لهذا العمل آثاره السيئة حاضرا، وسبة تاريخية تتناقلها الأجيال، ورحم الله القائل (صديقك من صدقك لا من صدقك).
  وختم بقوله: إن الآمال معقودة في الله عز وجل ثم في غيرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود أن تنال هذه المكتبة في عهده عناية خاصة، يشعر منها المسلمون في جميع بقاع الدنيا الرغبة الحقيقية في الحفاظ على تراث الأمة، وصيانته من الضياع".
 
إطار رقم 2
أعمال القص الهائل في جانب من جبل قعيقعان لعمل المصطبات الخاصة بالتوسعة (نت)

إغراق قوقل ويوتيوب بصور ومقاطع تصميم مشاريع التوسعة تثير الأسئلة!

مكة وادٍ غير ذي زرع، لكن جبالها، المحيطة ببيت الله العتيق، تتحول يوما بعد آخر إلى مصطبات ومدارج دائرية الشكل، لتزرع ساحاتها وأروقتها بالمصلين وضيوف الرحمن، وتنشأ فيها وتحتها مباني الخدمات العامة للمسجد الحرام، وربطها بجسور وممرات تنتهي بصحن الطواف المتكرر. وهي ابتداء ونهاية خارج وخلف مبنى التوسعة الجديدة.
لابد هنا من الإشارة إلى ملاحظة عابرة تتعلق بتصاميم توسعة الحرم المكي بالتحديد. فخلال الأعوام الأخيرة شهدت محركات البحث حملة إغراق وبمئات التصاميم والصور للشكل المتوقع للتوسعة المنتظرة، وتم ضخ عشرات المقاطع والأفلام المخصصة لمخططات التوسعة عبر "يوتيوب"، الأمر الذي ترك المتابعين في حيرة وعدم يقين عن التصميم المعتمد والرسمي للشكل النهائي، من الجهات المختصة.
في عشية وضع حجر الأساس يوم السبت 20 أغسطس 2011م الموافق 20 / رمضان 1432هـ بث التلفزيون السعودي وعبر قناته الأولى فيلما وثائقيا أستعرض المشاريع التطويرية لتوسعة الحرم المكي الشريف والتي سيتم إنشاءها خلال سنتين من تاريخ وضع حجر الأساس.
وبحسب الفلم التعريفي بالمشروع فإن " المصاطب شكلت بستة مستويات متدرجة تتماشى مع الطبيعة الطبوغرافية للجبال المحيطة بالمنطقة يستعمل سطحها ساحات إضافية للمصلين، وتم تأمين في أسفلها دورات مياه، ومواضئ، إضافة إلى متطلبات الخدمات التشغيلية والإدارية".
 
 
موضوعات سابقة عن مكتبة مكة المكرمة (موقع المولد النبوي).
1) وأخيرا .. تطوير مبنى المولد النبوي الشريف في مكة!
2) جولة ميدانية لتوثيق معالم وأمكنة مسار جيش النبي لفتح مكة من مسجد الفتح الى بئر طوى.
 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شاكر ومقدر مروركم وتعليقكم