الخميس، 10 ديسمبر 2015

حكاية عن شاذروان ابن الزبير للكعبة المشرفة وحِجر أغنام سيدنا إسماعيل في البيت العتيق!

تجديد رخام شاذروان الكعبة المشرفة بعد إزالة القديم. (صورة خاصة)


مكة المكرمة: عمر المضواحي

بدأت مساء أمس الأول (الإثنين 25 صفر 1437ه الموافق 7 ديسمبر 2015م) ورشة أعمال تجديد شاذروان الكعبة المشرفة بعد صدور موافقة المقام السامي على تجديده الى جانب تجديد رخام جدار حِجر إسماعيل عليه السلام من الداخل والخارج. وقد أحيطت الكعبة المشرفة بساتر أبيض اللون بعمق يصل الى نحو 4 امتار من بداية مدخل الحجر عند الركن الشامي ليلتف عند وحول الركن العراقي وصولا الى الركن اليماني.

وكان الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس صرح امس الأول بأنه "صدرت الموافقة السامية الكريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله على تجديد رخام الشاذروان ( الجدار السفلي للكعبة المشرفة ) وجدار حِجر الكعبة المشرفة. مشيرا الى أن دواعي التجديد لتقادمه وظهور الصدأ والاصفرار عليه ولأنه لم تعد عمليات جليه وتنظيفه تجدي".

وحسب مصادر صحيفة مكة المكرمة فإن اعمال تجديد رخام الشاذروان وجدار حِجر إسماعيل لن تستغرق أكثر من 7 أيام بعد أن رفعت المقاسات وتمت كامل الاستعدادات لورشة العمل مسبقا. كما تجهيز ألواح وقطع من رخام (تاسوس) الأبيض النادر في معمل خاص بمجموعة بن لادن السعودية في منطقة حدّة على طريق جدة مكة القديم لاستخدامها محل الرخام السابق. ولم يبق سوى بدء عمليات فك الرخم القديم واحلال الجديد بدلا عنه وذلك مراعاة لعدم تعطيل حركة الطواف والصلاة حول البيت العتيق.

الحجارة الكريمة في شاذروان الكعبة المشرفة والحلقات المعدنية لحبال ستارتها.
ولعل أهم ما يشتمل عليه الشاذروان القديم هي ثمانية قطع حمراء اللون من أندر أنواع المرمر في العالم (ميري ستون). وبحسب مصدر مطلع من أسرة سدنة بيت الله العتيق قال لصحيفة مكة في حديث هاتفي أمس أن هذه الحجارة تم استخلاصها من بناء المقصورة الفضية لمقام سيدنا إبراهيم عليه السلام السابق قبل إزالة المقصورة واستبدالها بالبلور الكريستالي الحالي.
أضاف أنه تم تثبيتها لاحقا في خد الشاذروان من الجهة الشرقية بين الركن الشامي والحجر الأسود يمين باب الكعبة المشرفة الى الأسفل. ووضعت فوق ما كان يعرف سابقا بحفرة "المعجن".



حفرة معجن إبراهيم عليه السلام تحت باب الكعبة (انترنت)
وتعددت المرويات حول "المعجن" ومنها أنه كان في موقع عجن سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام لتجهيز الطين لبناء البيت العتيق بعد رفع قواعده لكنها مسألة لم تثبت في شكل قاطع. وتم ردم الحفرة في العام 1377ه أثناء توسعة السعودية الأولى لعمارة المسجد الحرام.

وكان الدكتور محمد عبده يماني وزير الإعلام الأسبق قد نشر مقالا في العدد: 15278 من صحيفة الندوة آنذاك أشار فيه رحمه الله الى "ضرورة تذكر هذه الآثار ونعتني بها، ثم اذا اضطررنا الى تغطيتها وحفظها فذلك أفضل من ازالتها".
مشيرا الى أن موقع هذا المعجن "ذكره العلامة الفاضل الشيخ حسين عبدالله باسلامة ذكر أن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (أمَّني جبريل عند باب الكعبة مرتين)". وخلص الى القول: " تعلمنا من شيوخنا أنه من الأماكن التي يتقبل فيها الدعاء".


السيد د. سمير أحمد برقة
لكن الباحث المكي والخبير في المواقع الإسلامية السيد سمير بن أحمد برقة يشير الى أن الحجارة الثمانية لا ترمز للمعجن كما هو شائع اليوم. وقال صحيح أنها الآن فوق موقع "المعجن" وهي تواجه المكان الذي يتخذه حتى الآن أئمة الحرم المكي الشريف لإمامة المصلين في الصلوات الخمس المفروضة.
وأوضح د. برقة لصحيفة مكة أمس "إن هناك ثلاثة روايات حول رمزية موقع هذه الحجارة الثمانية تشير أولها الى أنها عين الموقع الذي علم فيه سيدنا جبريل عليه السلام النبي محمد ﷺ صفة الصلاة خلفه بعد أن فرضت الصلاة في السماء السابعة ونزوله معه بعد رحلة الإسراء والمعراج.

فيما تقول الرواية الثانية أنها موقع صلاة النبي ﷺ مكة قبل فرض الصلاة على المسلمين في المدينة المنورة وأنه اتخذ هذا الموقع تحديدا كونه ﷺ كان يضع الكعبة المشرفة بينه وبين بيت المقدس، لتجتمع القبلتان معا في موقع واحد. فيما تقول الرواية الثالثة الى انه مصلى النبي ﷺ ثاني يوم بعد فتح مكة في السنة التاسعة للهجرة، كما ورد في حديث اسامة بن زيد رضي الله عنهما".

ولا يعرف حتى الآن عن مصير هذه الحجارة الثمانية وما إذا سيعاد تثبيتها في مكانها لتبقى، أم أنها سوف تنزع لتعرض في وقت لاحق ضمن موجودات متحف عمارة الحرمين الشريفين في مكة المكرمة.



إطار 1


مقطع هندسي يوضح تفاصيل الكعبة المشرفة
والشاذروان القاعدة ذات اللون البني كما في الصورة

الشاذروان سوار من الرخام النادر يحيط بقاعدة البيت العتيق

رخام الشاذروان القديم قبل إزالته وتجديده أول من امس
تشير معاجم اللغة العربية الى أن معنى كلمة شاذروان هو ما ترك من عرض أساس قاعدة البيت العتيق الى الخارج. ويسمى تأزيرا لأنه كالإزار. ويبدو أنها مأخوذة من كلمة شوذر ومعناها الإزار باللغة الفارسية. وهي القاعدة الرخامية المضلعة بلون فاتح التي تحيط أسفل معظم جهات الكعبة المشرفة. وهنا معلومات عنه في نقاط موجزة:

1)    هو عبارة عن حجارة مائلة ملتصقة بأسفل قاعدة الكعبة المشرفة ومحيطة بها من جوانبها الثلاثة. أما الجانب المقابل لحجر إسماعيل عليه السلام, فليس فيه شاذروان, ولكنها عتبة صخرية بارتفاع أحد عشر سنتيمترا وعرض أربعين سنتيمترا.

2)    لم يوضع شاذروان في حجر إسماعيل لأنه لا يمثل الحدّ الشمالي الذي أقام قواعده سيدنا ابراهيم عليه السلام عند بنائه للكعبة المشرفة. حيث يمتد حدّه إلى ستة أذرع وشبر داخل الحجر من عن حائط الكعبة الشمالي المواجه له.


3)    أسفل باب الكعبة المشرفة لم يوضع شاذروان تيسيرا لوقوف عباد الله للتعلق بعتبة باب الكعبة والملتزم للضراعة والدعاء. ويبلغ طول العتبة ثلاثة أمتار وخمسة وأربعين سنتيمترا بارتفاع بسيط عن أرض المطاف.
4)    أول من وضع الشاذروان الصحابي عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما, على قواعد إبراهيم عليه السلام عند بناءه للكعبة عام 65 ه.
5)    جدد السلطان مراد الرابع الشاذروان مع بناء وتجديد الكعبة المشرفة سنة 1040ه بعد ان بقي سابقة من بناء الحجاج ن يوسف الثقفي في العام 74هـ.

6)    قام الملك فهد بن عبدالعزيز بترميم الشاذروان القديم عند تجديده رحمه الله بناء الكعبة المشرفة في العام 1417ه.

7)    يتكون الشاذروان من 71 حجرا متفاوتة الحجم من الرخام الأبيض. منها ثمانية أحجار عند موقع "المعجن", تعد من أنفس حجارة المرمر في العالم. 



حلقات معدنية لربط أستار الكعبة
وظائف الشاذروان:

·       حماية جدار الكعبة المشرفة من تسرب المياه إليها وصرفه الى خارجها.

·       ربط حبال ستارة الكعبة المشرفة في41 حلقة معدنية دائرية الشكل مثبتة فيه لهذا الغرض.

·       إبعاد أجساد الطائفين عن الاحتكاك بستارة وجدار الكعبة حماية للها من التلف.





إطار 2


حِجر ماعز إسماعيل من شجر الأراك الى أندر رخام في العالم!

الكعبة المشرفة أثناء تجديد الملك فهد بن عبدالعزيز في العام 1417هـ

تعود قصة حِجر إسماعيل الى بداية بناء الكعبة المشرفة على يديه مع أبيه إبراهيم عليهما السلام يحجر فيها أغنامه خلال عملية البناء. وكان أول بناء له حيث موقعه الآن في الجهة الشمالية خارج حدود قواعد الكعبة من شجر الآراك. وعندما قصر المال الحلال عند تجديدها بناء الكعبة في الجاهلية أخرجوا جزء من حدود حائطها الشمالي، وأتموا البناء كما هو مشاهد اليوم.

وتبلغ مساحة الجزء المقصوص من حد بناء إبراهيم عليه السلام من الجهة الشمالية للكعبة داخل الحجر نحو خمسة أذرع (الذراع الهاشمي يساوي61.2سم) كما جاء في الحديث المعروف عن السيدة عائشة عن النبي ﷺ بأن قريشا حديثة عهد بالجاهلية.

وتعددت بعدها المواد التي بني بها الحِجر عبر التاريخ، فبعد الآراك، بنيت حوائطه الدائرية بالحجارة، ثم بالطين، ثم بالرخام.  وكان أول من أمر بوضع الرخام للحِجر الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور في عام 140 هـ ثم أستمر ترخيم الحجر بعدها الى اليوم الحالي.


حِجر اسماعيل عليه السلام (انترنت)
وحجر إسماعيل عليه السلام بناء مستدير على شكل نصف دائرة وصفه ورفع مقاساته بدقة المؤرخ المصري اللواء إبراهيم رفعت باشا في كتابه الشهير " مرآة الحرمين". وذكر إن ارتفاع بناءه من الداخل 123سم، وعرض جداره من الأعلى 152سم، ومن الأسفل 144سم، وهو بناء مغلف بالرخام، وأحد طرفيه محاذ للركن الشامي، والآخر محاذ للركن الغربي من الكعبة، وله من الجهتين فتحتان، سعة الفتحة من طرفها الشرقي وآخر الشاذروان 2.30 م، وسعة الفتحة الأخرى التي بين طرفه الغربي ونهاية الشاذروان 2.23م، والمسافة بين الطرفين 8م، أما مسافة الأرض بين جدار الكعبة الشمالي وبين الحجر 12م.


صفحة المادة في صحيفة مكة المكرمة عدد يوم الأربعاء  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شاكر ومقدر مروركم وتعليقكم