الجمعة، 11 ديسمبر 2015

هل حان وقت تحسين أوضاع زيارة النساء للمسجد النبوي؟!

سيدة تشيرالى الساتر الحاجب للتواصل البصري مع المقصورة الشريفة للسلام على النبي صلى الله عليه وسلم.

جدة: عمر المضواحي

عقدت الجمعية السعودية لعلوم العمران في محافظة جدة مؤخرا ورشة عمل خاصة لأعضائها لمناقشة دراسة علمية شارك في اعدادها الدكتور محمد إدريس وكيل معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة لتوفير بدائل هندسية تهدف الى زيادة الطاقة الاستيعابية أمام الواجهة النبوية والروضة الشريفة لزوار المسجد النبوي الشريف من الرجال فقط دون النساء.

حضر اللقاء الذي تم (مساء الخميس 12 نوفمبر الجاري 2015) في قاعة الاجتماعات بمقر (جمعية أثر للفنون) بجدة واستمر زهاء الساعتين نخبة من المهندسين والمعمارين أعضاء الجمعية من مختلف مدن المملكة. خلصوا الى وضع ملاحظاتهم ومرئياتهم حول البدائل المطروحة في الدراسة لمراجعتها وابداء ملاحظتهم عليها قبل رفعها في صورتها النهائية للجهات الرسمية.

صورة من لقاء جمعية العمران السعودية
كان لافتا في هذا اللقاء الهندسي الهام، الذي حضرته صحيفة مكة، طرح المهندس أنس محمد صالح صيرفي الذي طالب بتوسيع دائرة النقاش لتشمل تقديمه عرض يعالج ويناقش ويقترح حلول للجزئية الخاصة بزيارة النساء في المسجد النبوي الشريف.
وعدم قصر الدراسات الهندسية الخاصة بمشاريع تطوير وتوسعة الحرمين الشريفين على الرجال دون النظر بنفس القدر الى حاجات النساء ومطالباتهن في هذا الجانب من البناء القديم للمسجد النبوي.

مقترحات وحلول م. صيرفي لتحسين وضع زيارة النساء للروضة الشريفة

استعرض م. أنس صيرفي وهو رئيس مجلس إدارة شركة طيبة القابضة في عجالة تصورا هندسيا مبدئيا مدعوما بالخرائط التفصيلية والصور يتيح فسح المجال بشكل اكبر لزيارة النساء في شكل يتماشى مع الوضع القائم حاليا، ويحترم الاجراءات التنظيمية المعمول بها الآن في القسم المخصص لهن في المسجد النبوي الشريف.

مراقبة رسمية تنظم نساء يقفن دون حجاب فاصل أمام الواجهة الشريفة
وقال: كل من بلغ الآن العقد الخامس من العمر أو أكثر لابد وأنهم يعرفون أنه كان بإمكانهم حتى ثمانينات القرن الماضي اصطحاب نساءهم وبناتهم الى المسجد النبوي خلال الأوقات المخصصة للزيارات النسائية حيث كان مسموح لهن بالوصول الى المواجهة الرئيسية والوقوف أمام الكوكب الدُرّي مباشرة للسلام على النبي وصاحبيه كما هو الحال تماما للرجال في يومنا هذا. والصورة تظهر إحدى المشرفات الرسميات، وهي فيما يبدو تراقب تنظيم سلام حشود النساء بمحاذات المواجهة الغربية للمقصورة الشريفة.

فيما بعد، حصلت تحولات، وتم تخصيص الجانب الشرقي للمقصورة النبوية عند باب السيدة فاطمة الزهراء للنساء، وكن أيضا يستطعن الوصول الى باب السيدة عائشة عند المسافة بين عامود الحرس وعامود الوفود، وفي الوراء شمالا الى موقع أهل الصُفّة ودكة الأغوات ومحراب تهجد النبي القائم في هذا الجانب الشمالي للمقصورة، والمستور خلف رفوف المصاحف حاليا.

وضع ساتر ومساحة عزل عن المقصورة الشريفة
في الجهة الشمالية عند محراب التهجد ويلاحظ السجاد الأخضر
أضاف: بالطبع حصلت الآن تحولات جذرية في تنظيم زيارة النساء. حيث لم يتم منع السيدات من الوصول الى تلك المساحات بالكامل فحسب، بل وتحول الحال الى صدهن أيضا عن الإتصال بهذا الجانب بصريا من خلال وضع سواتر وحواجز مرتفعة ومزدوجة لتقف النساء من بعدها.

 وغلب على ظن المهندس أنس صيرفي أن سبب وضع هذا الحدّ للنساء عند الزيارة، حتى لا يقفن بمحاذاة القبر الشريف، بحيث يكون هنا آخر ما يسمح لهن بالوصول اليه ، تنفيذا لفتوى للشيخ ابن عثيمين وآخرين التي تقضي بتحريم زيارة النساء للقبور في المجمل. وبالتالي اتخذت كل الإجراءات والسبل لمنع زيارة النساء من الاقتراب لأي محاذاة للقبر الشريف ومن أي اتجاه كان متاح لهن سابقا شمالا وشرقا وغربا.

ويمضي المهندس صيرفي ليشرح ما يراه وفق معطيات واقع الحال القائم حاليا بأن هذه الحواجز الدائمة وفي الاتجاهات الثلاثة لا تحقق منع وصول النساء وحسب للزيارة، بل تفضي أيضا الى قطع احترازي لأي محاولة للطواف حول المقصورة الشريفة من الرجال والنساء على حدّ سواء.
وهو ما يفسر الآن سبب منع الرجال أيضا وعدم تمكينهم من الدخول الى هذا المكان عند باب السيدة فاطمة الزهراء، باستثناء الزيارات الرسمية الخاصة والنادرة ايضا. وهذا يعني أيضا، ان الوضع الحالي أخرج هذا الحيز بكامله من المسجد النبوي وعدم الاستفادة منه لا للصلاة ولا للزيارة والسلام على النبي . أضاف: علينا أن نتساءل ما هي الخطوة التالية لهذا العزل؟.

وضع النساء في الروضة حاليا عند مكبرية الآذان في المسجد النبوي
أجاب: المنطق يقول ــ بعيدا عن المخاوف المستحقة ــ أنه طالما حدثت هذه الخطوات، وتعود الناس على هذا الوضع رجالا ونساءً،فمتى سيتم فصل هذه الجوانب تماما بالبناء لا بالأقمشة!.الواقع الحالي يثبت أن هذا تغييرا واضحا لا لبس في فهم مقاصده النهائية، ويتم تثبيت وضعه خطوة تلو أخرى، بوتيرة هادئة على مدى سنوات، ولم تتم أبدا بشكل حاسم وفي وقت واحد. وهنا يجب أن يكون للمعماريين والمهندسين دورا هاما عند تقديم أي حلول هندسية لمعالجة هذه المخاوف المستندة على أسس ومعطيات ملموسة ومشاهدة. وأن تستجيب هذه الحلول لتعهدات مقام الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي بأنه لن يتم أي تغيير مضى عليه العمل سابقا.

 واستعرض المهندس انس صيرفي ثلاث لوحات تفصيلية توضح أولها الوضع الحالي لمسار زيارة النساء للروضة الشريفة (باللون الأحمر)، فيما توضح اللوحتان الأخريان مقترحين تقدم بها للحضور لمعالجة الوضع القائم للزيارة النسائية وتوسعة المساحة المخصصة لهن في الروضة الشريفة. وفق الوجه الشرعي المفروض اليوم.

وبديل ثان وفق ما تتسع له اراء شرعية اخرى  وقال: الحاجة الملحة الآن تحسين ظروف وانسيابية زيارة النساء قبل ذلك يجب الإشارة الى المعطيات التالية:

أولا: هناك قول فقهي معتبر يؤكد أن المكان الحالي المخصص لصلاة النساء لا يمت لحدود الروضة الشريفة المعتبرة، ما يعني أن النساء حاليا (ربما) لا يؤدون الصلاة في حدود الروضة الشريفة بحسب ما يعتقدون!.

ثانيا: إن المساحة المخصصة لصلاة النساء حاليا في الروضة الشريفة لا تزيد عن 20 × 20 متر مربع وهي أقل من ربع المساحة المخصصة للرجال الآن.ولا يمكن القبول والرضى لأهلنا وأخواتنا في الاسلام أن يوضعوا في هذه المعاناة والعنت والتعب الشديد، بدون وضع حلول تخفف من هذه المعاناة.

ثالثا: إن حشر النساء والتضييق عليهم في هذه المساحة الصغيرة، ينتج عنها تسابق وصياح وتدافع للحصول على موطئ قدم للصلاة فيه، وهو يخالف آداب المسجد النبوي المنصوص عليها في القرآن الكريم.

رابعا: إن مساحات الفراغات الفاصلة خلف الحواجز القائمة، هي في حقيقتها اصبحت مزدوجة لان موضع شباك المقصورة الحالي قد بني اصلا تاركا حيزا معتبرا من حد الروضة الملاصق للقبر الشريف، الى جانب الممرات المخصصة لدخول وخروج النساء تحتاج الى معالجة جديدة، تتيح إمكانية التوسع مع حفظ التحرز قدر الإمكان.

صورة لخريطة توضيحية لمعالجة م. انس صيرفي لزيارة النساء للمسجد النبوي

ثم بدأ م. صيرفي شرح رؤيته الهندسية لمعالجة الوضع القائم بقوله: الفكرة إن اضعف الايمان لو أبقينا الوضع القائم حاليا غرب المقصورة الشريفة وابقاء حواجز العزل وفواصل منع دخول النساء الى ناحية باب السيدة فاطمة الزهراء، فإنه يجب على الأقل أن نتوسع في مساحة الروضة الشريفة المخصصة للنساء في الجانب الشرقي المقابل.

مع إبقاء حاجز العزل بينهن وبين موقع الرجال، ومدها الى نهاية حدّ المسجد النبوي عند توسعة سيدنا عمر وافتحها جميعا أمام النساء للصلاة لفك الاختناق الحالي والتخفيف قليلا بتوسعة المكان (لاحظ حدود الخط الأحمر) في المقترح الأول والثاني ومقارنته بمخطط الوضع الحالي.

أضاف: إن هذان المقترحان يحققا جميع متطلبات الرئاسة. فلا مجال فيهما لوقوف النساء في المواجهة الرئيسية الشريفة كما كان جار به العمل فيما مضى، ولا يحقق لهن التقدم أيضا الى محاذاة القبر الشريف كي لا يحدث زيارة للنساء غير مشروعة حسب الفتوى، لكنه في المقابل يبق على كل ما عليه الوضع الحالي من تحرزات، مع توفير توسعة إضافية للمساحة المخصصة للنساء ويمكن من خلال البديل الثاني بإضافة الجزء الأعلى منها من تمكين النساء للصلاة داخل الحدّ الشرعي للروضة الشريفة.


(إطار 1)
حدود الروضة الشريفة

حدود الروضة الشريفة وفق الآراء الفقهية المعتبرة

يشير المهندس أنس صيرفي الى أن حدود الروضة الشريفة في القول الراجح انها "بين بيتي الى منبري روضة من رياض الجنة".فهنا بيت الرسول (حجرة السيدة عائشة) الذي دفن فيه، فآخر حدّ له هو نهاية الحجرة التي تضم المراقد الثلاثة.

وقال: لو أخذنا المحاذاة الى المنبر النبوي ستكون الروضة الشريفة هي هذه المساحة الموضحة (باللون الأخضر الداكن) في اللوحة. ولو توسعنا حسب الآراء الفقهية الأخرى فهناك قول أنه من الممكن أن يصل حدّ الروضة الشريفة الى الحدّ الثاني الموضح بلون أخضر متوسط الدرجة. وبالنظر اليوم الى السجاجيد الخضراء التي تميز حدود الروضة الشريفة عن باقي سجاد المسجد الأحمر اللون، تصل الى هذا الحدّ الثالث، ما يعني أن الرئاسة تأخذ بهذا الرأي لتحديد مساحة الروضة الشريفة وفق السجاد الأخضر.

بالطبع يجب هنا أن نعرف ان الجزء المحجوب (بين الشباك الغربي والجدار الغربي للقبر الشريف داخل المقصورة الشريفة)، هي جزء أصيل من مساحة الروضة الشريفة ولكن عندما تم بناء المقصورة (في زمن الظاهر بيبرس) اخرجت هذه المساحة من الروضة بالسياج والشبابيك الغربية حيث يصلى الناس اليوم.

أيضا، هناك أقوال أخرى تؤكد أن مساحة الروضة أوسع من ذلك، ولذا فسر الفقهاء سبب توسع عمر ابن الخطاب وعثمان بن عفان في جدار القبلة وتقدمه عن زيادة  عمر استنادا الى ان بيوت زوجات النبي كانت تصل الى الحدّ الذي توقفت عنده زيادة سيدنا عثمان بن عفان عندما بنى محرابه (الحالي والمنسوب إليه لا إلى بناء الدولة العثمانية خطأً) وجدار القبلة عندها من ناحية الجنوب.

وللتوضيح كانت آخر حجرة من حجرات أمهات المؤمنين هي حجرة السيدة حفصة بنت عمر ابن الخطاب، وهناك علامات له في أرضية الرخام، الى جانب وجود عامود صغير من البناء المجيدي خلف باب جبريل يحدد آخر حدّ لبيت السيدة حفصة.


لذلك قيل أن هذا الحدّ الذي وضعه الخليفة الراشد عثمان بن عفان هو حدّ وقفي للروضة الشريفة من ناحية الجنوب. وأنه لهذا السبب رفض أهل الاختصاص في المدينة أي امتداد لتوسعة المسجد النبوي جنوبا عن هذا الحدّ كونه حدا وقفيا لا يجوز تجاوزه بأي حال ماضيا وحاضرا ومستقبلا.

الخميس، 10 ديسمبر 2015

حكاية عن شاذروان ابن الزبير للكعبة المشرفة وحِجر أغنام سيدنا إسماعيل في البيت العتيق!

تجديد رخام شاذروان الكعبة المشرفة بعد إزالة القديم. (صورة خاصة)


مكة المكرمة: عمر المضواحي

بدأت مساء أمس الأول (الإثنين 25 صفر 1437ه الموافق 7 ديسمبر 2015م) ورشة أعمال تجديد شاذروان الكعبة المشرفة بعد صدور موافقة المقام السامي على تجديده الى جانب تجديد رخام جدار حِجر إسماعيل عليه السلام من الداخل والخارج. وقد أحيطت الكعبة المشرفة بساتر أبيض اللون بعمق يصل الى نحو 4 امتار من بداية مدخل الحجر عند الركن الشامي ليلتف عند وحول الركن العراقي وصولا الى الركن اليماني.

وكان الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس صرح امس الأول بأنه "صدرت الموافقة السامية الكريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله على تجديد رخام الشاذروان ( الجدار السفلي للكعبة المشرفة ) وجدار حِجر الكعبة المشرفة. مشيرا الى أن دواعي التجديد لتقادمه وظهور الصدأ والاصفرار عليه ولأنه لم تعد عمليات جليه وتنظيفه تجدي".

وحسب مصادر صحيفة مكة المكرمة فإن اعمال تجديد رخام الشاذروان وجدار حِجر إسماعيل لن تستغرق أكثر من 7 أيام بعد أن رفعت المقاسات وتمت كامل الاستعدادات لورشة العمل مسبقا. كما تجهيز ألواح وقطع من رخام (تاسوس) الأبيض النادر في معمل خاص بمجموعة بن لادن السعودية في منطقة حدّة على طريق جدة مكة القديم لاستخدامها محل الرخام السابق. ولم يبق سوى بدء عمليات فك الرخم القديم واحلال الجديد بدلا عنه وذلك مراعاة لعدم تعطيل حركة الطواف والصلاة حول البيت العتيق.

الحجارة الكريمة في شاذروان الكعبة المشرفة والحلقات المعدنية لحبال ستارتها.
ولعل أهم ما يشتمل عليه الشاذروان القديم هي ثمانية قطع حمراء اللون من أندر أنواع المرمر في العالم (ميري ستون). وبحسب مصدر مطلع من أسرة سدنة بيت الله العتيق قال لصحيفة مكة في حديث هاتفي أمس أن هذه الحجارة تم استخلاصها من بناء المقصورة الفضية لمقام سيدنا إبراهيم عليه السلام السابق قبل إزالة المقصورة واستبدالها بالبلور الكريستالي الحالي.
أضاف أنه تم تثبيتها لاحقا في خد الشاذروان من الجهة الشرقية بين الركن الشامي والحجر الأسود يمين باب الكعبة المشرفة الى الأسفل. ووضعت فوق ما كان يعرف سابقا بحفرة "المعجن".



حفرة معجن إبراهيم عليه السلام تحت باب الكعبة (انترنت)
وتعددت المرويات حول "المعجن" ومنها أنه كان في موقع عجن سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام لتجهيز الطين لبناء البيت العتيق بعد رفع قواعده لكنها مسألة لم تثبت في شكل قاطع. وتم ردم الحفرة في العام 1377ه أثناء توسعة السعودية الأولى لعمارة المسجد الحرام.

وكان الدكتور محمد عبده يماني وزير الإعلام الأسبق قد نشر مقالا في العدد: 15278 من صحيفة الندوة آنذاك أشار فيه رحمه الله الى "ضرورة تذكر هذه الآثار ونعتني بها، ثم اذا اضطررنا الى تغطيتها وحفظها فذلك أفضل من ازالتها".
مشيرا الى أن موقع هذا المعجن "ذكره العلامة الفاضل الشيخ حسين عبدالله باسلامة ذكر أن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (أمَّني جبريل عند باب الكعبة مرتين)". وخلص الى القول: " تعلمنا من شيوخنا أنه من الأماكن التي يتقبل فيها الدعاء".


السيد د. سمير أحمد برقة
لكن الباحث المكي والخبير في المواقع الإسلامية السيد سمير بن أحمد برقة يشير الى أن الحجارة الثمانية لا ترمز للمعجن كما هو شائع اليوم. وقال صحيح أنها الآن فوق موقع "المعجن" وهي تواجه المكان الذي يتخذه حتى الآن أئمة الحرم المكي الشريف لإمامة المصلين في الصلوات الخمس المفروضة.
وأوضح د. برقة لصحيفة مكة أمس "إن هناك ثلاثة روايات حول رمزية موقع هذه الحجارة الثمانية تشير أولها الى أنها عين الموقع الذي علم فيه سيدنا جبريل عليه السلام النبي محمد ﷺ صفة الصلاة خلفه بعد أن فرضت الصلاة في السماء السابعة ونزوله معه بعد رحلة الإسراء والمعراج.

فيما تقول الرواية الثانية أنها موقع صلاة النبي ﷺ مكة قبل فرض الصلاة على المسلمين في المدينة المنورة وأنه اتخذ هذا الموقع تحديدا كونه ﷺ كان يضع الكعبة المشرفة بينه وبين بيت المقدس، لتجتمع القبلتان معا في موقع واحد. فيما تقول الرواية الثالثة الى انه مصلى النبي ﷺ ثاني يوم بعد فتح مكة في السنة التاسعة للهجرة، كما ورد في حديث اسامة بن زيد رضي الله عنهما".

ولا يعرف حتى الآن عن مصير هذه الحجارة الثمانية وما إذا سيعاد تثبيتها في مكانها لتبقى، أم أنها سوف تنزع لتعرض في وقت لاحق ضمن موجودات متحف عمارة الحرمين الشريفين في مكة المكرمة.



إطار 1


مقطع هندسي يوضح تفاصيل الكعبة المشرفة
والشاذروان القاعدة ذات اللون البني كما في الصورة

الشاذروان سوار من الرخام النادر يحيط بقاعدة البيت العتيق

رخام الشاذروان القديم قبل إزالته وتجديده أول من امس
تشير معاجم اللغة العربية الى أن معنى كلمة شاذروان هو ما ترك من عرض أساس قاعدة البيت العتيق الى الخارج. ويسمى تأزيرا لأنه كالإزار. ويبدو أنها مأخوذة من كلمة شوذر ومعناها الإزار باللغة الفارسية. وهي القاعدة الرخامية المضلعة بلون فاتح التي تحيط أسفل معظم جهات الكعبة المشرفة. وهنا معلومات عنه في نقاط موجزة:

1)    هو عبارة عن حجارة مائلة ملتصقة بأسفل قاعدة الكعبة المشرفة ومحيطة بها من جوانبها الثلاثة. أما الجانب المقابل لحجر إسماعيل عليه السلام, فليس فيه شاذروان, ولكنها عتبة صخرية بارتفاع أحد عشر سنتيمترا وعرض أربعين سنتيمترا.

2)    لم يوضع شاذروان في حجر إسماعيل لأنه لا يمثل الحدّ الشمالي الذي أقام قواعده سيدنا ابراهيم عليه السلام عند بنائه للكعبة المشرفة. حيث يمتد حدّه إلى ستة أذرع وشبر داخل الحجر من عن حائط الكعبة الشمالي المواجه له.


3)    أسفل باب الكعبة المشرفة لم يوضع شاذروان تيسيرا لوقوف عباد الله للتعلق بعتبة باب الكعبة والملتزم للضراعة والدعاء. ويبلغ طول العتبة ثلاثة أمتار وخمسة وأربعين سنتيمترا بارتفاع بسيط عن أرض المطاف.
4)    أول من وضع الشاذروان الصحابي عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما, على قواعد إبراهيم عليه السلام عند بناءه للكعبة عام 65 ه.
5)    جدد السلطان مراد الرابع الشاذروان مع بناء وتجديد الكعبة المشرفة سنة 1040ه بعد ان بقي سابقة من بناء الحجاج ن يوسف الثقفي في العام 74هـ.

6)    قام الملك فهد بن عبدالعزيز بترميم الشاذروان القديم عند تجديده رحمه الله بناء الكعبة المشرفة في العام 1417ه.

7)    يتكون الشاذروان من 71 حجرا متفاوتة الحجم من الرخام الأبيض. منها ثمانية أحجار عند موقع "المعجن", تعد من أنفس حجارة المرمر في العالم. 



حلقات معدنية لربط أستار الكعبة
وظائف الشاذروان:

·       حماية جدار الكعبة المشرفة من تسرب المياه إليها وصرفه الى خارجها.

·       ربط حبال ستارة الكعبة المشرفة في41 حلقة معدنية دائرية الشكل مثبتة فيه لهذا الغرض.

·       إبعاد أجساد الطائفين عن الاحتكاك بستارة وجدار الكعبة حماية للها من التلف.





إطار 2


حِجر ماعز إسماعيل من شجر الأراك الى أندر رخام في العالم!

الكعبة المشرفة أثناء تجديد الملك فهد بن عبدالعزيز في العام 1417هـ

تعود قصة حِجر إسماعيل الى بداية بناء الكعبة المشرفة على يديه مع أبيه إبراهيم عليهما السلام يحجر فيها أغنامه خلال عملية البناء. وكان أول بناء له حيث موقعه الآن في الجهة الشمالية خارج حدود قواعد الكعبة من شجر الآراك. وعندما قصر المال الحلال عند تجديدها بناء الكعبة في الجاهلية أخرجوا جزء من حدود حائطها الشمالي، وأتموا البناء كما هو مشاهد اليوم.

وتبلغ مساحة الجزء المقصوص من حد بناء إبراهيم عليه السلام من الجهة الشمالية للكعبة داخل الحجر نحو خمسة أذرع (الذراع الهاشمي يساوي61.2سم) كما جاء في الحديث المعروف عن السيدة عائشة عن النبي ﷺ بأن قريشا حديثة عهد بالجاهلية.

وتعددت بعدها المواد التي بني بها الحِجر عبر التاريخ، فبعد الآراك، بنيت حوائطه الدائرية بالحجارة، ثم بالطين، ثم بالرخام.  وكان أول من أمر بوضع الرخام للحِجر الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور في عام 140 هـ ثم أستمر ترخيم الحجر بعدها الى اليوم الحالي.


حِجر اسماعيل عليه السلام (انترنت)
وحجر إسماعيل عليه السلام بناء مستدير على شكل نصف دائرة وصفه ورفع مقاساته بدقة المؤرخ المصري اللواء إبراهيم رفعت باشا في كتابه الشهير " مرآة الحرمين". وذكر إن ارتفاع بناءه من الداخل 123سم، وعرض جداره من الأعلى 152سم، ومن الأسفل 144سم، وهو بناء مغلف بالرخام، وأحد طرفيه محاذ للركن الشامي، والآخر محاذ للركن الغربي من الكعبة، وله من الجهتين فتحتان، سعة الفتحة من طرفها الشرقي وآخر الشاذروان 2.30 م، وسعة الفتحة الأخرى التي بين طرفه الغربي ونهاية الشاذروان 2.23م، والمسافة بين الطرفين 8م، أما مسافة الأرض بين جدار الكعبة الشمالي وبين الحجر 12م.


صفحة المادة في صحيفة مكة المكرمة عدد يوم الأربعاء  

الأحد، 6 ديسمبر 2015

عن زيارة النساء للمسجد النبوي.. الأجوبة عمياء؛ وحدها الأسئلة ترى!

صورة تاريخية بعدسة صحيفة عكاظ عن زيارة النساء للواجهة النبوية الشريفة سابقا (انترنت)

·       عمر المضواحي

على عكس ما كان منتظرا، تتقلص حظوظ النساء عاما بعد عام في أوقات الزيارة المخصصة لهن في المسجد النبوي الشريف، انتهت الآن بمنع مطلق لوقوفهن أمام الواجهة النبوية الشريفة ومن كل جهات داخل المقصورة الشريفة للسلام على النبي وصاحبيه رضوان الله عليهما، وتقليص متواتر لمساحة صلاتهن في حيز ضيق أقصى الروضة الشريفة.

وفيما يبدو استندت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي بمنع زيارة النساء للقبور ـ الذي يجيزه الإمام مالك وأهل المدينة ـ  الى فتوى شهيرة لفضيلة الشيخ العلامة محمد ابن عثيمين تقضي بمنع النساء من زيارة القبور، وعدّها من كبائر الذنوب، مقدما بين يدي فتواه ـ رحمه الله تعالى ـ  الحديث النبوي الوارد في مسند الإمام أحمد بن حنبل عن ابي هريرة قال: قال رسول الله " لعن الله زوّارات القبور"، وهو مذهب بعض الشافعية وشيخ الاسلام وابن القيم الى التحريم.

وضع النساء حاليا في المساحة المخصصة للصلاة في الروضة الشريفة

قبل نحو تسع سنوات مضت، تقرر رسميا فتح ابواب المسجد النبوي على مدار الساعة يوميا وطوال العام. قبل العام 1428هـ كانت أبواب المسجد النبوي الشريف تغلق عند تمام الساعة 11 مساء من كل يوم، ويعاد فتحها قبل نحو ساعة كاملة من رفع أذان صلاة الفجر.

لا ينسى أهل المدينة المنورة هذا الفضل الذي سعى فيه أميرها السابق الأمير عبدالعزيز بن ماجد وأستجاب له الملك الصالح عبدالله بن عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ وأصدر توجيها ملكيا ساميا بنفاذ ذلك عشية يوم الثلاثاء 27 رمضان 1428هـ ( 09 أكتوبر 2007م).

ومع كل توسعة أو تطوير جديد لعمارة المسجد النبوي، تنحاز كل الدراسات والتصاميم الهندسية، ومن ورائها تنظيمات الرئاسة المتواترة، الى تجفيف حضور النساء للصلاة في الروضة الشريفة، و قصقصة حظوظهن في زيارة مرقد النبي ﷺ. في مقابل بذل كل جهد ممكن لتيسير كل ذلك لصالح الرجال وحسب، ما يصم نهج رئاسة شؤون الحرمين الشريفين بكونه ذكوريا وبامتياز!.

من المنتظر في نهاية شهر ديسمبر الجاري أن يلتقي وفد من مهندسي معهد أبحاث الحج والعمرة بكبار المسؤولين في أمارة منطقة المدينة المنورة بحضور عدد من المسؤولين في الجهات المختصة ذات العلاقة بعد أن أوكل للمعهد التابع لجامعة ام القرى في مكة ويتوفر على فرع واحد له في المدينة، دراسة أفضل الطرق الهندسة لتوسعة المبنى القديم للمسجد النبوي لإتاحة المجال لأكبر قدر ممكن للزيارة والسلام على النبي ﷺ وصاحبيه.

وكان وكيل معهد أبحاث الحج والعمرة الدكتور محمد إدريس قد انتهى وفريق من المهندسين بوضع ثمانية بدائل مقترحة لزيادة الطاقة الاستيعابية للزوار ستعرض خلال الاجتماع المنتظر لاختيار الأنسب منها.

المهندس أنس صيرفي خلال شرحه لمقترحاته عن تحسين ظروف زيارة النساء للمسجد النبوي

بالعودة الى قصة الأمس المنشورة (صفحة 20في صحيفة مكة المكرمة بعنوان "هل حان وقت تحسين أوضاع زيارة النساء للمسجد النبوي؟" والتي استعرضت محاضرة قيمة القاها المهندس أنس بن محمد صالح صيرفي رئيس شركة طيبة القابضة وعضو الجمعية السعودية لعلوم العمران في جدة، نجد انها حرصت على التذكير بأهمية توفير بدائل مماثلة لزيادة الطاقة الاستيعابية للنساء في الروضة الشريفة وتسهيل تنظيم زيارتهن أيضا، خاصة وان المشاكل التي يتعرضن لها عند الدخول والزيارة والخروج تبدو أكبر مما هو معروف في الحيز المخصص للرجال. 

وعلى قاعدة "الأجوبة عمياء، وحدها الأسئلة ترى" سنحاول هنا أن نناقش بهدوء ومحبة في إطار من الصراحة والوضوح، مقدمين بين يدي القارئ الكريم قراءة نزعم أنها أوسع أفقا وأشمل طرحا، مع بحث لربط كل خيوط الموضوع الشاردة والواردة؛ لنُمسك بحبلها الوثيق عُرى رؤى نظن أنها جادة ومخلصة تستحق النقاش والاحتواء في صدر من التسامح والتفهم، كما هو المأمول دوما من الجميع.

وضع النساء في الروضة حاليا عند مكبرية الآذان في المسجد النبوي

نبتدر سلّة الأسئلة من هنا؛ لنقول أولا أين تقف التنظيمات الحالية والسارية المفعول الخاصة بتنظيم زيارة النساء للمسجد النبوي؟. وهل التنظيمات الحالية تشي بالحرص على راحة وسلامة السيدات صغارا وكبارا وهن يمثلن ربع اعداد الزوار في أقل تقدير وفسح المجال لهن بالصلاة في الروضة الشريفة بيسر وسهولة؟.

لماذا لم تستهدف هذه التنظيمات تحقيق العدالة للنساء أسوة مع زوار المسجد النبوي من الرجال، كما كانت عليه سابقا ولعقود وربما قرون طويلة بلا تفضيل ومحاباة لطرف دون آخر؟!.

ألم تقدر تلك التنظيمات مجافاتها لأبسط حقوق النساء اللائي شددن رواحل الشوق والإيمان والمحبة لزيارة المسجد النبوي والسلام على النبي ﷺ والصلاة في الروضة الشريفة؟.

أليس لمن وضع وطبق هذه التنظيمات نساء يحبون زيارة مسجد النبي ﷺ والسلام عليه وصاحبيه والصلاة في الروضة الشريفة بلا عوائق وعنت ومشقة، كما يفعل الرجال في غالب أيام وليالي العام؟.

ألم يدرك من وضع تنظيمات غير منطقية ولا منصفة أمام زيارة النساء سيخلق مشاكل عدة وعويصة تسيء لجهود المملكة الناصعة بأحرف من نور في خدمة الإسلام والحرمين الشريفين؟.

ألم يكن من البديهي عند من وضع تلك التنظيمات لإدارة حشود الزائرات أن يستهدف تسهيل مهمتهن لا أن يجعل من التنظيم نفسه مشكلة مصطنعة ثم يبحث لها عن حلول؟!.

ثم، الا يحق لنا أن نرفع سؤالا جوهريا نتساءل فيه بصراحة عن أسباب تغير الموقف فجأة، ولماذا قررت التنظيمات الحديثة منع قيام النساء من حق التشرف بالسلام وزيارة النبي ﷺ وصاحبيه بعد أكثر من 1430 عام؟!.

ما الذي تغير الآن، فطوال العهد السعودي الزاهر كان يسمح للنساء بالوقوف أمام الواجهة الشريفة والسلام عليه ﷺ وعلى صاحبيه رضوان الله عليهما.

هل بات قبر النبي ﷺ فجأة كسائر قبور المسلمين، وأصبح حكم زيارته والسلام عليه ﷺ يخضع لاختلاف مذاهب وآراء علماء المسلمين المتقدمين منهم والمتأخرين؟!.

هل تشدد التنظيمات المستحدثة أخيرا لمنع النساء المسلمات من غير المواطنات تحديدا من زيارة قبر النبي والسلام ﷺ تعكس الصورة الناصعة لمملكتنا التي تضم مهبط الوحي، وفيها ومنها خرج الإسلام الى العالمين فضلا على دورها المحوري في رعاية الحوار مع المذاهب الإسلامية، والتقارب مع أهل الديانات السماوية؟!.

سيدة تشير الساتر الحاجب للتواصل البصري مع المقصورة الشريفة من الجانب الغربي لها

لماذا حرص التنظيم على نصب كل هذه السواتر والحواجز، وتفويج النساء على الهوية في مسارات وأوقات ضيقة، لا تكاد تشفي ضمأ المصليات، ولا تلبي أدنى درجات رضاهم؟.

هل إسدال ستائر الحجب على ما يحدث في القسم النسوي بالروضة الشريفة الآن يجعل عسف التنظيم وعنته بعيدا عن أعين النقد والمكاشفة؟.



ثم ألا يحق لنا هنا الآن، طرح التساؤل عن المرجعية التي يستند عليها تنظيم حشود زائرات المسجد النبوي ومنعهن عن زيارة قبر النبي ﷺ ويطبقه حرفيا؟!.

وهل المطلوب الآن أن يتناسى كل من وقف وقرأ ودرس وكشف عن توصيات دراسة علمية نشرت في أول عدد من مجلة علمية محكمة أصدرتها الجهة المنظمة والمشغلة للحرمين الشريفين؟!. وهل عليهم الآن رجالا ونساءً أن يستهينوا بذاكرتهم، وينسون توصيات دراسة عزل حجرات النبي الشهيرة، وما قررته من منع وتشدد قائم على باب سدّ الذرائع فقط؟!.



ألا يدرك كل عاقل الآن، أن تلكم التنظيمات الخاصة اتخذت من توصيات هذه الدراسة العلمية التي أعدها استاذا في قسم العقيدة بجامعة الأمام محمد بن سعود نبراسا ومنهجا واضحا يطبق بحذافيره خطوة خطوة، أمام سمع وبصر العالم أجمع؟!.

ألم تتعهد الجهة المنظمة والمختصة في بيان رسمي شهير العام الماضي من انها ملتزمة بقاعدة "عدم المساس بما مضى عليه العمل سابقا" في الحرمين الشريفين؟!.

وهل ما يحدث الآن من تنظيم لدخول النساء ومنعهن من زيارة قبر النبي ﷺ وتضييق المساحة المخصصة لهن في الروضة الشريفة مسّ بما جرى ومضى عليه العمل سابقا أم لا؟!.

الموضوع هنا لا يتعلق بمماحكة أحد أو التقليل من عمله وجهده، وهو كثير ومبارك فيه إن شاء الله تعالى، لكنه محاولة صادقة ومخلصة للمكاشفة ولبيان ما يحدث فعلا وعلى أرض الواقع تجاه فرض وضع متعسف جديد وغير معهود، أمام النساء خاصة.

إن ذاكرتنا ليست، ولن تكون يوما، كذاكرة الأسماك. وإن لدينا القدرة على استباق محاولة أي مغرض أو حاقد على بلدنا ووطننا والتشهير بسوء طويّة عن مثل هذه التنظيمات التي تمس نساء خمس سكان العالم من المسلمين. فلاتزال الدراسة العلمية الخاصة بعزل الحجرات الشريفة موجودة ومنشورة، والتنظيم الحالي لا يمهد للعمل بها فحسب، بل يطابق ما جاءت به من توصيات مغالية وينفذها حذو القذة بالقذة.

الحمد لله، نحن الرجال نزور ونسلم ونصلي في أي وقت ومكان نشاء، لكن معظمنا يأتون لزيارة المسجد النبوي الشريف وبرفقته امهات وزوجات واخوات وبنات ومحارم وجميعهن قاصرات الطرف والحيلة امام عنت هذه التنظيمات، ويقفن عاجزات أمام عدم قدرتهن على اداء الزيارة والسلام والصلاة براحة وسكينة واطمئنان مثل محارمهم من الرجال.

وضع ساتر ومساحة عزل عن المقصورة الشريفة
في الجهة الشمالية عند محراب التهجد ويلاحظ السجاد الأخضر

يشهد الله ومن حضرنا من الملائكة وصالح المؤمنين أنه لطالما خرجت زوجاتنا وبناتتا وأخواتنا ومحارمنا من حمى المسجد النبوي الشريف "وأعينهم تفيض من الدمع حزنا" أن لا يجدو فرصة للسلام والوقوف أمام قبر النبي ﷺ والصلاة بطمأنينة في الروضة الشريفة.

بالله كيف نرد عليهن وهن يقدمن بين يدي دموعهن قول الله تعالى "ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما" وأسفار كتب شيوخ التفسير لهذه الآية الكريمة والعظيمة؟.


إن حلول تنظيم زيارة النساء للحرمين الشريفين بشكل عام لا تحتاج الى كثير جهد، وتغير وتعديل وحجب وتشكيك في النوايا والمقاصد. كل ما علينا فعله فقط أن نكتسي حُلل التسامح وسلامة الصدر وعدم الإضرار بالنساء. وأن نكف عن صنع مشاكل عويصة جديدة، وأن نلتزم حرفيا بمبدأ "عدم المساس بما مضى عليه العمل سابقا" ووضع حلول وبدائل هندسية من أهل الاختصاص المشهود لهم بالكفاءة من الداخل والخارج. وأن تبنى هذه البدائل على قاعدة أن المسجد النبوي هو مكان مقدس له احكامه ومعاييره الخاصة، وأنه ليس متحفا أو مركزا ترفيهيا يشترط فيه وجود واستخدام كل المنتجات الانشائية المفرطة في العصرنة.

ليكن مثلا وقت زيارة النساء للسلام والصلاة في الروضة الشريفة مناصفة بين الرجال والنساء خاصة في المواسم كما مضى عليه العمل سابقا. وأن تمنع التنظيمات أي مساحة لجلوس الرجال خلف المحراب العثماني الحالي في غير وقت الصلوات الخمس طبعا. وان تشرع كامل المساحة من باب السلام الى باب البقيع لحركة الحشود للسلام على النبي وصاحبيه ثم الخروج والالتفاف الى الأماكن المخصصة لهن في المسجد وساحاته الخارجية. ربما سيكون المجال كافيا ومريحا وبرضى تام للرجال والنساء على حدّ سواء.

أيضا، إذا صعب تنفيذ هذا الحلّ البسيط، ماذا يمنع أن يتم تخصيص كامل المساحة أمام باب السيدة فاطمة الزهراء وبكامل هذا الضلع الشرقي والشمالي للمقصورة الشريفة للنساء وخروجهن من باب الملك عبدالعزيز للتوجه الى أماكنهن المخصصة.

أعلم يقنا أنني لست مهندسا ولا من أهل المهنة والاختصاص، لكنها مجرد رؤى سنحت لي لمحاولة تقديم أجوبة عمياء. لكن ما يهمني هنا طرح أسئلة بعيون مفتوحة ومبصرة فهي الوحيدة التي ترى!.