الثلاثاء، 24 مارس 2015

تطوير الحديبية كواحة حوار حضاري!. ( 3 ـ 6 )

صورة لأول مخطط لتطوير منطقة الشميسي (بوابة مكة) بما فيها موقع الحديبية.
مكة المكرمة: عمر المضواحي
لم تكن الضاحية الغربية للعاصمة المقدسة بعيدة عن ذهن أصحاب القرار، ومخططات التنمية والتطوير. فهذه الضاحية التي تشمل كامل مساحة منطقة الشميسي تقع في قلب اهم منافذ العاصمة المقدسة وتتمدد بين مسالك أهم طريقين يؤديان الى العاصمة الاقتصادية للمملكة مدينة جدة والتي كانت تشهد بحسب مصادر رسمية وأهلية صراعات قديمة لوضع اليد على أراضيها الواسعة.
في 17 أغسطس 2009 حسم الأمر بقرار مجلس الوزراء القاضي بتأسيس شركة (البلد الأمين للتنمية والتطوير العمراني)، لتوفير حلول استراتيجية لمواجهة الطلب على الوحدات السكنية في مدينة مكة المكرمة، ومنحها ملكية أرض تبلغ مساحتها 60 مليون متر مربع لتكون رأسمال للشركة التي تمتلكها أمانة العاصمة المقدسة لتكون ذراعا استثمارية لها من خلال مشاركة القطاع الخاص وتشجيعه وتسهيل مهمته لإنشاء مشاريع التطوير في مناطق ملكيتها وتطوير مخططاتها العمرانية والاقتصادية والتعليمية والثقافية والترفيهية.

مخطط لمشروع بوابة مكة ـ المصدر: موقع شركة البلد الأمين.
وبحسب وثيقة القواعد الإجرائية لخطوات تأسيس شركة البلد الأمين، وفق نسخة جدول أعمال الاجتماع الأول لمجلس إدارة الشركة برئاسة د. أسامة البار في مكة المكرمة بتاريخ 23 يناير 2013م؛ "تحدد أمانة العاصمة المقدسة الأراضي التي تعود ملكيتها إليها (في المنطقة المعتمدة كضاحية في مدينة مكة المكرمة الغربية (البوابة)، وتعد هذه الأراضي أسهما عينية تخصصها أمانة العاصمة المقدسة لتأسيس الشركة وتمثل قيمتها رأس مال الشركة الوارد في نظامها الأساسي".

وجاء في الوثيقة " تملك شركة البلد الأمين بموجب صكّ شرعي أرض البوابة بالضاحية الغربية بمكة المكرمة بمساحة إجمالية تقدر 60 مليون متر مربع تمثل رأس مال الشركة قدرت قيمتها 1.2 مليار ريال سعودي". وهي من أصل 86 مليون متر مربع من مساحة المنطقة حيث تخضع ملكية الأراضي الباقية لآخرين بمساحة إجمالية تقدر 26 مليون متر مربع.

بينما تمتلك وزارة المالية أرضا بمساحة تقدر 809.393 متر مربع شمال منطقة الحديبية والمعروفة باسم أرض (المقرح)، وكذلك قيمة الجزء المتداخل معها بعد تقويمها في حينه لمصلحة وزارة المالية، لتكون كحصة عينية لها في رأسمال الشركة المطورة لمنطقة البوابة.

الأمير خالد الفيصل
الفيصل والحديبية
 وكان أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل يحمل تصورا خاصا لها ضمن مشروعه الكبير بنقل مكة المكرمة الى مصاف العالم الأول، لا سيما موقع "الحديبية" الذي كان يولي هذه المنطقة النبوية رعاية خاصة تتفق مع أهميتها التاريخية والدينية.
في مساء يوم الثلاثاء 21 ابريل العام 2009م أعلن الأمير خالد الفيصل مباركته للتصاميم الأولية لمشروع "بوابة مكة" الذي قدمته إحدى الشركات العقارية في قاعة الاحتفالات الرئيسية في فندق هيلتون جدة. كانت المساحة الإجمالية للمشروع تصل الى 80 مليون متر مربع، وشملت التصميمات التي استثمرت الشركة فيها نحو 150 مليون ريالا إنشاء مجمعات سكنية فلل وعمائر ومنتزهات ومجمع للدوائر الحكومية ومبنى لإمارة منطقة مكة المكرمة وجامعة جديدة تحت مسمى جامعة الحديبية ومركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحوار بين الحضارات وملاعب ومركز للمعارض وقرية تراثية. وستوفر في المشروع الذي قدرت تكاليف إنشاءه يومها مليارات الريالات جميع الخدمات اللازمة خلال فترة تنفيذه المقترحة بعشر سنوات.
كانت عجلة إزالة الأحياء السكنية لصالح التطوير والتوسعات الضحمة التي شهدتها العاصمة المقدسة خلال العقود الماضية تستوجب انشاء احياء جديدة تستوعب حاجة أهالي مكة المكرمة لمساكن تكفيهم خصوصا الذين نزعت ملكياتهم لصالح مشاريع التطوير. ووضعت امانة العاصمة المقدسة رؤية جديدة لتطبيقها في مشاريع تطوير ضواحي مكة المكرمة، إبتداء بضاحيتها الغربية، تستلهم تجارب دولية نجحت في تنفيذ مشاريع حضارية ناجحة، تستند على مبدأ المشاركة مع القطاع الخاص بحيث توفر الأمانة والجهات التنفيذية الأخرى، الظروف الملائمة لعمل شركات تطوير المشاريع العمرانية التي يقع العمل الفعلي عليها.
بعد نحو 14 شهرا وتحديدا في يوم 21/6/2010م عقد أمير منطقة مكة المكرمة السابق الأمير خالد الفيصل اجتماعا في مكتبه بحضور رئيس الهيئة الملكية للجبيل وينبع الأمير سعود بن ثنيان وأمين العاصمة المقدسة الدكتور أسامة البار. أكد فيه أهمية إقامة واحة الملك عبدالله للحوار الحضاري. مشيرا إلى أن المشروع سيكون واحدا من أهم المواقع التي تبرز جوانب عدة للحضارة الإسلامية بداخل الواحة وذلك بإعطاء الفرصة لاستخدام الطراز العمراني المكي المحلي الممزوج بالحضارة والعمران العصري الحديث، إضافة لأهميتها الفكرية.
واطلع أمير مكة يومها على عرض مصور للواحة، استمع فيه إلى شرح عن كيفية إنشائها وما تمثله الواحات على مر العصور والأزمنة من أماكن للقاء والاجتماع، والتي ما زال عدد منها حتى يومنا هذا منبعا للقصص والحوارات التي تسود مثل هذه الأماكن المعروفة بروح التسامح والسلام.
وحدد العرض الموقع المقترح لإقامة واحة الملك عبدالله للحوار الحضاري في موقع صلح الحديبية التاريخي، والذي شهد عقد معاهدة سلم بين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وبين قبائل قريش (في السنة السادسة للهجرة)، تيمنا بأن تكون هذه الواحة أحد أهم مواقع التلاقي الاجتماعي والفكري خصوصا وأنها ستقام بالقرب من موقع جامعة الحديبية المقترح إنشاؤها في هذه المنطقة وسط مكة القديمة ومدينة بوابة مكة المستقبل ما يخولها لجذب الزوار من مختلف المناطق والخلفيات محليا وعالميا لتسهم في التلاقي وتبادل الخبرات والأفكار فيما يخدم حضارة الإنسان.
وأشار العرض إلى أن الواحة ستتضمن عددا من المواقع كمركز مجمع المعارض ومركز التواصل ومركز الاجتماعات وقاعة الحوارات العامة ومرافق الإنتاج الإعلامي، إضافة إلى المطاعم والمرافق المعرفية والخدمية والتي ستستقطب المحاضرات والمؤتمرات على مدار العام حسب ما هو معد لإنشائها.

إطار 2

هيئة السياحة والآثار: مكة والمدينة في قلب الاهتمام.. وما كل ما يعلم يقال!


د. علي الغبان ـ الصورة من الإنترنت

التقت صحيفة مكة بالدكتور علي الغبان نائب الرئيس للآثار والمتاحف بالهيئة العامة للسياحة والآثار في مكتبه صباح يوم الاثنين ( 10 نوفمبر 2014م) بمقر الهيئة في الحيّ الدبلوماسي في الرياض. وخلال اللقاء أبدى د. الغبان اهتماما كبيرا بالمعلومات الجديدة التي نشرتها الصحيفة سابقا حول التعديات والتغييرات التي تحيط ببئر الحديبية، والحال الذي وصلت إليه أسبلة الملك المؤسس لسقيا الحجاج في الحديبية.

ووجه بجمع كامل المعلومات والصور المتوفرة لمعالجة فورية للموقف، وهو ما تم ملاحظته بعدها بيومين فقط، حيث تم عمل ساتر حماية لبئر وسبيل الملك المؤسس رقم 2 في منطقة الحديبية أثناء عمل مشروع خزان استراتيجي للمياه تحت مساحة واسعة من الحديقة الصحراوية المحاذية للسبيل.

وأكد د. الغبان خلال لقاءه أن هيئة السياحة والآثار تهتم في نشر الوعي بأهمية المواقع التاريخية والمحافظة على آثار التراث في المجتمع. مشيرا الى أن هيئة السياحة والآثار تولي جميع المواقع الإسلامية في المملكة اهتماما خاصا، ونوه بتنوع جهود الدولة ممثلة بالهيئة في حماية التراث الوطني وإبرازه، مشيرا الى صدور الأمر الملكي الكريم عام 2008 بتحديد المواقع الإسلامية داخل المملكة والعمل على الحفاظ عليها وحمايتها، إضافة إلى تنفيذ برنامج لإعادة ترميم المساجد العتيقة بالتعاون مع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد.

د. سعد الراشد
مكاشفات د. سعد الراشد

في المقابل تحدث الدكتور سعد بن عبدالعزيز الراشد مستشار الرئيس العام لهيئة السياحة والآثار والمدير السابق لوكالة المتاحف والآثار في وزارة المعارف سابقا بقوله: من واقع خبرتي وقد قمت بإدارة وكالة الآثار والمتاحف لسنوات، وأعرف وأعي كل ظروف التجربة التي مرت بها آثار المملكة في هذا المجال، أصبح هناك تخطي للكثير من العقبات السابقة، بفضل الله أولا، ثم بجهود الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز الذي سعى الى ضم قطاع الآثار الى هيئة السياحة، وقدرته بالوصول الى صاحب القرار بطريقة سريعة. الأمر الذي جعل للهيئة ثقل كبير في إطار قانوني وتفعيل قضايا الشراكة مع الجهات والدوائر الحكومية المختلفة وعقد اتفاقيات معها.

وقال: أصبحت هيئة السياحة والآثار الآن قدوة يقتدى فيها في قضية التعاون بين الجميع لحماية مواقع الآثار، وهي بالآلاف في المملكة، وبفضل ذلك أصبح لدينا قبول من كل المجتمع في قضية الآثار، واصبح لدى الناس حماس كبير لهذه القضية. موضحا أن الشيء الآخر والجديد من الدولة، غير مشروع الملك عبدالله للعناية بالتراث الحضاري، هو الاهتمام بمواقع التاريخ الإسلامي في مكة المكرمة والمدينة المنورة.

مشيرا الى أن الدولة استجابت للهيئة، وبات الآن لديها قرار من قيادات الدولة ومعهم خيرة العلماء في البلد وعلى رأسهم رئيس هيئة كبار العلماء، بأهمية المحافظة على مواقع التراث الإسلامي في مكة والمدينة وعدم المساس بها وبالخصوص المرتبطة بالرسول صلى الله عليه وسلم. ونقوم الأن بعد أن انتهينا من الحفاظ على بئر طوى في مكة، بدراسة وتوثيق مواقع أخرى مثل بئر رومة التي من حسن الحظ أنها محفوظة وباقية في مشتل تابع لوزارة الزراعة، ومسار النبي الى  قرية بني سعد، وموقع معركة حنين، وموقع ومسار غزوة الطائف التي يدور حولها لغط كثير.
وقال: نحن نعمل، ولكن بهدوء. وبعد الانتهاء من توثيق هذه المواقع سنبدأ التفكير في كيفية إدخالها في مسار التنمية السياحية في المملكة.

سبيل الملك المؤسس بالقرب من علامات حدّ حرم مكة في الحديبية.

الآثار ووسائل الإعلام

وأشاد د. الراشد بانفتاح رئيس الهيئة مع وسائل الإعلام المختلفة، الأمر الذي أثمر زيادة في البرامج المخصصة عن الآثار في السعودية، وقفزت بشكل كبير جدا عن السابق. منوها الى أن الآثار كعلم قاعدته ما كل ما يعلم يقال!. وما يكتب في الصحافة والإعلام لابد وأن يكون بمعيار ومقدار. خلصّ مهمتك ثم بثها لاحقا على الناس، لان الهدف المهم هنا هو توعية الناس والمجتمع بقضية المحافظة والعناية بالآثار ومواقعها.

وأكد د. الرشد أن المحافظة على الآثار والعناية بها تحتاج الى مصادر تمويل ضخمة. فالآثار من دون مال لا تعمل، وبدون المال وتعاون المجتمع المحلي للحفاظ على المواقع التاريخية والعمل سوية كيد واحدة وبشكل متناغم فلا أمل بتحقيق شيء يذكر.

مشيرا الى أن المملكة بما تحتويه من إرث حضاري عظيم دفعها لإنشاء إدارة للآثار في العام 1383هـ في معهد العاصمة التابع لوزارة المعارف في الرياض في عهد وزير المعارف آنذاك الشيخ حسن آل الشيخ. موضحا أن أول مدير لإدارة الوكالة كان الدكتور عبدالله المصري وكان للتو تخرج من جامعة هارفارد الامريكية.

أضاف: كثيرون لا يعلمون أن سبب إنشاء وكالة الآثار والمتاحف جاء لكون المملكة هي رابع دولة تشارك في إنشاء منظمة الأم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" العام 1945م. كما اشتركت في أول مؤتمر عن الآثار أقيم في العالم العربي وكان في دمشق العام 1949م.

وقال مع حلول الطفرة الأولى وفورة التنمية والعمران التي شهدته جميع مناطق المملكة كان لوزارة المعارف آنذاك، وبفضل انتشار مؤسساتها التعليمية في كل المدن والمحافظات دورا يذكر ويشكر كونها كانت بمثابة الحارس الأمين لتراثنا الحضاري بعد أن جاءت التوجيهات السامية بالمحافظة على المواقع الاثرية، فأقامت الوزارة الأسوار حول كثير من المواقع الأثرية والتاريخية الى حين عمل توعية مجتمعية شاملة بأهميتها والمحافظة عليها.


أضاف: اتحدث الآن من خلال خبرتي المتواضعة، وأؤكد أن التجربة التي خاضتها المملكة في مجال العناية بالآثار مميزة، ونلمس ذلك عبر الكثير من الخبراء العالميين الذين يزورون المملكة ويثمنوا عاليا هذا الدور الذي قام على أسس سليمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شاكر ومقدر مروركم وتعليقكم